بدع ومخالفات المعالجين بالقرآن الكريم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله . وبعد ..
فكثير من المعالجين يدعون أنهم يعالجون أمراض السحر أو الصرع بالقرآن والسنة.. فينبهر الناس لذلك - نظرا للصحوة الحالية - ولا ينفكوا حتى يزوروهم في بيوتهم باسم العلاج القرآني – زعموا -.. والمسألة مع تفشيها وانتشارها أصبحت ظاهرة يجب الوقوف أمامها والتفتيش عما داخلها من بدع ومحدثات ..
وبادئ ذي بدء: نشير إلى أن أكثر أعراض حالات السحر والصرع هي أمراض جسدية بحتة يجب الرجوع فيها إلى الأطباء المتخصصين في المجال العصبي وما شاكله.. وإذا تقرر أن الأمر خارج عن محيط مجالهم فحينئذ نتجه إلى العلاج الشرعي لمثل هذه الآفات بشرط أن يكون منهج العلاج فعلاً يتوافق مع الشرع الحنيف..
وهنا قد يقع المرء في حيرة من أمره إذ إن كل من يمتهن هذه المهنة يدعي أنه يعالج بالقرآن والسنة .. وأنت إذا فتشت وجدت مخالفات كثيرة قد تصل في بعض الأحيان إلى ارتكاب الكبائر والعظائم باسم الدين وهو من هؤلاء براء..
ولكي نضع أنفسنا أمام الحقيقة لابد لنا من قراءة واقع كلاً من المريض والمعالج في هذا العصر ونزنه بميزان الشرع ..
ولذا أحب أن اعرض الموضوع في أمور:
الأمر الأول: الأصل في علاج السحر والصرع.
– وننوه هنا إلى مسألة مهمة للغاية وهي حقيقة وجود الجان وكذلك دخولهم جسم الإنسان وهذا مما اتفق عليه أهل السنة والجماعة ..
– وأن الأصل الصبر على مرض السحر أو الصرع مع استخدام الدعاء كما في حديث المرأة التي أصابها الصرع في حديث عطاء بن أبي رباح قال قال لي ابن عباس رضي الله عنه :
" ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ فقلت بلى . قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني أصرع وإني أتكشف فادع الله تعالى لي . قال إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك فقالت أصبر ، فقالت إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف فدعا لها " صحيح متفق عليه.
ويستفاد من هذا الحديث عدة فوائد:
أولها : أن الصرع ها هنا مرض من الأمراض وله آثاره الملعومة لدى المتخصصين وليس بالضرورة أن يكون من أثر تلبس الجن ، مع العلم أن للجن اثرا في الصرع ولكن في هذا الحديث لا أثر لوجوده كما سيأتي.
وثاني فوائد الحديث: إفادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحمل قدر الله وابتلائه والصبر على هذا المرض يؤدي حتما إلى الجنة..
مع جواز أن يسعى المريض إلى رفع ما يضره من المرض على نفسه ودينه كما أشار الحديث..
وقدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء في الصحيحين عن عائشة ما خلاصته:
" أن يهوديا من يهود بني زريق (وهو لبيد بن الأعصم ) سحر النبي فما طلب الدواء ولا سعى إليه وإنما آتاه ملكان وتعرفا على السحر ومكانه فجلبه النبي وأصحابه وما عاقب اليهودي "
وثالث الفوائد: تعليق المسالة على إرادة المرأة واختيارها يشير إلى أن التداوي والبحث عن الدواء مطلب لا مانع منه شرعاً.
رابع الفوائد: طلب الدعاء من الرسول من خصوصياته صلى الله عليه وسلم لأنه نبي مستجاب الدعوة ، وعليه لا يجوز أن يذهب المريض إلى الشيوخ لطلب الدعاء والشفاء فيقع في محظور شرعي قد يجره إلى الشرك والعياذ بالله.
صورة العلاج النبوي:
أما عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في علاج السحر والصرع وبخاصة من تلبس الجن به فقد صح عن يعلى بن مرة قال :
" سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت منه شيئا عجباً.. نزل منزلا فقال انطلق إلى هاتين الشجرتين فقل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكما أن تتنحيا . فانطلقت فقلت لهما ذلك فانتزعت كل واحدة منهما من أصلها فمرت كل واحدة إلى صاحبتها فالتقيا جميعا فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته من ورائهما ثم قال انطلق فقل لهما لتعود كل واحدة إلى مكانها . فأتيتهما فقلت ذلك لهما فعادت كل واحدة إلى مكانها.وأتته امرأة فقالت إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين يأخذه كل يوم مرتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنيه . فأدنته منه فتفل في فيه وقال اخرج عدو الله أنا رسول الله . ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجعنا فأعلمينا ما صنع . فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبلته ومعها كبشان وأقط وسمن فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ هذا الكبش فاتخذ منه ما أردت . فقالت والذي أكرمك ما رأينا به شيئا منذ فارقتنا . ثم أتاه بعير فقام بين يديه فرأى عينيه تدمعان فبعث إلى أصحابه فقال ما لبعيركم هذا يشكوكم فقالوا كنا نعمل عليه فلما كبر وذهب عمله تواعدنا عليه لننحره غدا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنحروه واجعلوه في الإبل يكون معها " ( والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة ) .
وفي هذا الحديث فائدتين هامتين:
الأولى: كيفية العلاج النبوي للمريض المذكور في الحديث وأنه لم يزد على قوله أخرج عدو الله مع التفل في فمه كما في الحديث عاليه.. وهذه الطريقة قد تكون من خصوصياته صلى الله عليه وسلم لما له من أثر على هؤلاء الشياطين ويدل على ذلك حديث الإمام مسلم في الصحيح عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة . قالوا وإياك يا رسول الله ؟ قال وإياي ولكن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير .وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عفريتا من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم فذكرت دعوة أخي سليمان ( رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ) فرددته خاسئا "
أما التفل في الفم أو غيره فواضح أنه من خصائصه صلى الله عله وسلم وقد جاء تفله في عدة مواضع من السيرة كقصة الحديبية وعين قتادة وغير ذلك وقال بكراهته لغير النبي الحنابلة كما نقله ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية..ومع احتمال الخصوصية فقد عمل بالثاني بعض العلماء الكبار وعلى رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية فإنه لم يزد على قوله: أخرج .. كما ذكره عنه ابن القيم..ولا شك أن الالتزام بالمنهج النبوي أزكي وأفضل..
الثانية: - وهي مهمة جدا - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عظيم مكانته لم يعلم وقت علاجه للمريض هل شفي أم لا ، بدليل أنه قال للمرأة: إذا رجعنا فأعلمينا ما صنع ..
وأن مسالة إخراج الجان من جسم الإنسان قد سيقت في الحديث في محل المعجزة كما أنه جاء بين معجزتين :
الأولى: تحرك الشجرتين بأمره
والثانية: شكوى البعير كما جاء في الحديث..
فكيف بأحوال الناس اليوم !!
وقد تسمع عن أحدهم أنه عالج حالات كثيرة في يوم واحد وأنه أخرج منهم الجان – زعم -.
الأمر الثاني: دور القرآن في العلاج.
- اتفق أهل الملة جميعاً على العمل بقول الله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين.. الآية.. وأن الشفاء متحصل قطعاً بالقرآن إذا صادف اليقين بأثره..وقد ثبت أثر قراءة الفاتحة على اللديغ فقام كأنه نشط من عقال كما في الحديث الصحيح ، وكذا أثر آية الكرسي وسورة البقرة والمعوذتين وغيرها من الآيات..وفي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري قال :
" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أخي استطلق بطنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسقيه عسلا فسقاه ثم جاء فقال سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال له ثلاث مرات ثم جاء الرابعة فقال اسقه عسلا فقال لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الله وكذب بطن أخيك . فسقاه فبرأ" متفق عليه.
وفي هذا الحديث أمران:
أولهما أن الشفاء بالعسل جاء من القرآن،
والثاني يقين رسول الله بقول الله في كتابه عن العسل وأنه شفاء ..
وهو اليقين الضروري في العلاج بالقرآن.ومسألة القراءة والعلاج بالقرآن خرجت عن حدود المسنون والمشروع إلى الابتداع..فقد رأيت وقرأت لبعض المعالجين بالقرآن – زعموا - تخصيص سور وآيات معينة لأمراض معينة .. ومن أمثلة ذلك:
للممنوعة من الزواج: تقرأ أو تغتسل بسورة الحشر.
للمطلقة كثيراً: الآية 25 من سورة إبراهيم تكتب 20 مرة وتغتسل بها يوم الجمعة.
لعلاج العقم: تغتسل بسورة الجمعة في نصف الشهر العربي..
إلى غير ذلك من الجهالات حتى وصل الأمر بهم إلى علاج قضية الموت ، فاقرأ ما قال أحدهم: لموت الأجنة في البطون: كتابة الأسماء الحسنى وتقطر عليها قبل طلوع الشمس.لموت الأطفال ومرض الكبار: مثل ما سبق في موت الأجنة ويضاف إليها 6 آيات.. ويتبع هذا أنهم يكتبون القرآن على أشياء غريبة ..
وهناك أمثلة:- يكتب على ثلاث بيضات (وذكر ثلاث آيات ) فيأكل الزوجين واحدة لكل منهما ويقتسما الثالثة .. وهذا لعلاج الربط أو للحبل أو غيره لا أتذكر ..
- ومنها أن يكتب: " لكل نبأ مستقر " على فصوص الفول على كل فص حرف منها فتأكل المريضة كل يوم فصاً .. لتوقف النزيف.- ومنها أن يكتب على سبع تمرات من الأسماء الحسنى ( البديع - الله – الوهاب – الرزاق – الفتاح – الخالق – المصور ) وتفطر المرأة بتمرة كل يوم صباحاً لعلاج العقم فلا يمر الشهر إلا ويأتي الفرج.- كما أن هناك كتابة لآيات من القرآن على أرغفة الخبز ويضاف أحيانا أشياء أخر مثل الثوم والفجل وحب السمسم وأوراق الخروع ودهن الخروف وغير ذلك من الخزعبلات والخيالات..
- ويضاف إلى هذا تخصيص آيات من سور معينة بعينها تقرأ على المريض بخلاف الوارد في الأدلة الصحيحة كالفاتحة وآية الكرسي والمعوذتين .. فقد رأيت أكثرهم يضيف آيات كثيرة من سور شتى مثل: آل عمران والأعراف والجن والصافات والحشر وغير ذلك. ووجدت دليلهم على هذا الاختيار يرجع إلى حديث ضعيف لا يصلح دليلاً شرعياً على مسألة هامة كهذه ، ونصه كما رواه ابن ماجة: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال :
" كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه أعرابي فقال إن لي أخا وجعا قال ما وجع أخيك قال به لمم قال اذهب فأتني به قال فذهب فجاء به فأجلسه بين يديه فسمعته عوذه بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول البقرة وآيتين من وسطها وإلهكم إله واحد وأية الكرسي وثلاث آيات من خاتمتها وآية من آل عمران أحسبه قال شهد الله أنه لا إله إلا هو وآية من الأعراف { إن ربكم الله الذي خلق } الآية وآية من المؤمنين { ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به } وآية من الجن { وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا } وعشر آيات من أول الصافات وثلاث من آخر الحشر وقل هو الله أحد والمعوذتين فقام الأعرابي قد برأ ليس به بأس " ( رواه ابن ماجة 3549 بسند ضعيف )
ويضاف الى ذلك أيضا:
ابتداعهم أعدادا من الآيات والأذكار في العلاج ما أنزل الله بها من سلطان ولا دلنا علينا النبي الخاتم .. فمن ذلك: قراءة سورتي الصمد والقدر 25 مرة – آية الكرسي 70 مرة – الفاتحة والمعوذتين 21 مرة – الاستغفار والبسملة ولا اله الا الله ولفظ الجلالة كل منها يقرأ مفرداً 300 مرة - الى أشياء عديدة منها أنصاف آيات وبعض الأذكار على هذه الوتيرة وهذه الأفعال كما ترى أدخلت صاحبها البدعة من أوسع أبوابها.فاتضح مما سبق أن استخدام المعالجين للقرآن الكريم على غير المنهج الشرعي والهدي النبوي ، بل فيه امتهان للقرآن كما أشرنا من قبل.
الأمر الثالث: من بدع المعالجين ومخالفاتهم:
– وأولها المخالفة البينة لمنهج العلاج النبوي كما مر معنا.
– ومنها التعامل مع الجان بطريقة غير شرعية كأن يسأله عن اسمه ودينه ولماذا دخل وأشياء كثيرة يتباهى بها المعالج أمام أهل المريض .. والآفة تقع في تصديق المعالج لما يقوله الجان وهذا مخالف للواقع ، ويدل عليه قصة أبي هريرة وقول رسول الله: ( صدقك وهو كذوب ) كما أنه يندرج على خطر عقائدي في تصديق الجان والعمل بموجب تعليماته .. وقد يدخل حينئذ تحت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد "رواه أصحاب السنن بسند صحيح.
– ومن الغريب أنهم يهولون من أمر الجان جداً وكثيراً ما يأمر المعالج أن لا يخرج الجان من العين أو من فتحتي القبل والدبر كي لا يؤذي المريض ، وهي كلها خرافات ولا يمنع الجان إذا خرج أن يخرج من أي مكان شاء ..
وأنا أشير إلى جهل كثير من المعالجين بخروج الجان حقيقية ، وإنما يرون زوال بعض الأعراض فيقولون أن المريض قد شفي.. وقد نقلنا سابقاً أن رسول الله لم يتيقن من خروج الجان وهو من هو عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي.
– ومنهم من يهدد الجان بالحرق إن لم يخرج من المريض وهو بذلك يخالف أصلا عقائديا وهو: لا يعذب بالنار إلا رب النار.. كما في الحديث الصحيح.
– ومنهم من يعمل للمريض حجابا بعضه من القرآن وباقيه خرافات وخزعبلات لا دليل عليها .. وأسوأ ما قرأته في هذا حجاب يدعى ( رسالة أبي دجانة ) مأخوذ من قصة باطلة في حديث موضوع قال عنه الإمام البيهقي:
في حرز أبي دجانة حديث طويل وهو موضوع لا تحل روايته ، وكذا كذبه ابن الجوزي والسيوطي..
– ومن أسوأ انحرافات المعالجين بالقرآن – كما رأيته بعيني - ارتكاب المعاصي في علاج النساء خاصة ، فمن المعالجين من يخلو بالمرأة ومنهم من يلامسها بيدية وأشياء كثيرة أنكرتها على بعضهم منذ زمن فتعلل بالضرورة والحاجة .. وهو تعليل باطل لأن الأصل في العلاج الحل و" إن الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" كما جاء عن ابن مسعود بسند صحيح.. ناهيك عن الفتن الواقعة بين كثير منهم من أثر الخلوة بالأجنبية لا سيما إذا صاحبها ما ذكرناه وغيره .. نسأل الله السلامة.
الأمر الرابع في: تفشي هذه الظاهرةوأري أن تفشي هذه الظاهرة يرجع إلى ثلاثة عوامل:
العامل الأول: جهل الناس بالشرع في باب الطب والتداوي وما شاكله هاهنا.. كما رأيت فيما سبق أن طريقة المنحرفين من المعالجين تدور على أمرين: إما استدلاله بأحاديث ضعيفة أو موضوعة ، أو الابتداع في العلاج بما لا يتوافق مع الشرع.
العامل الثاني: ضعف صلة المريض بربه ونسيان المبتلى التوكل الشرعي وفقدانه للصبر على البلاء ، فيقع أولا في تلك الآفة ولا ينفك في الوقوع فيها مرة أخرى عندما يلتمس العلاج في غير منهج الله وهدي رسوله الكريم ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ).
العامل الثالث: سعي كثير من المعالجين إلى التكسب الغير مشروع ( مع أن الأصل ألا يشترط على المريض وأن يقبل ما يعطى له على سبيل الهدية ) وترى ذلك يحدث بصورة عجيبة ، فان بعضهم يبدأ أولا العلاج بلا مقابل ومن ثم تكثر جلسات العلاج حتى يفاجئهم بأجره ويسميه لهم ، ويضاف لهذا التكسب بتلك المؤلفات الكثيرة والتي ملأت المكتبات تحت أسماء مجهولة يجمع بينها جميعاً الجهل الواضح بالكتاب والسنة ومنهج سلف هذه الأمة مع كثرة التغاير والتضاد المحير _ وقد اطلعت بنفسي على 100 رسالة من هذا النوع والتي أصبحت موضة العصر في المؤلفات..
وأضف إلى ذلك حب الشهرة والكبر لكثير من أولئك المعالجين نسأل الله السلامة.
الخاتمة:
الطريق الحقيقي لعلاج وأنا بدوري أضع ها هنا خطة شرعية كنت قد كتبتها من قبل لأحد إخواني وقد سألني أن أعالج زوجته ، فأعلمته أولا بخطورة هذا الأمر وما مر في هذا المقال وأخيرا كتبت له هذه النصائح ( ارتجالا ) على أن يشرف هو بنفسه على علاج زوجته ، فكان نص ما كتبته له من باب النصيحة:
بسم الله .. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد.. فليعلم المريض مسحورا كان أو مصروعا أنه مبتلى، والمرء يبتلى على قدر إيمانه فكلما كان إيمانه أقوى كان ابتلاءه أشد فليصبر وليحتسب وأجره على الله خالقه.. فالصبر نصف الإيمان وفي الصحيحين قصة امرأة كانت تصرع فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت دعوت لك وإن شئت صبرت ولك الجنة فقالت بل أصبر يا رسول الله.. وهاهي بعض الوصايا المعينة على الشفاء بقدره الله:
الوصية الأولى.. الإكثار من العبادة مع الإخلاص:
1- أداء جميع الصلوات في مواعيدها جماعة وخاصة صلاة الفجر .
2- صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع إن أمكن.
3- صلاة ركعتين الضحى ( من الثامنة إلى العاشرة صباحاً تقريباً ) إن أمكن.
4- قيام بعض الليل - ركعتين قبل النوم وركعة وتر أو الثلاثة معا إن أمكن.
5- الإكثار من الصدقة والهدية وزيارة أولو الأرحام والعطف على اليتيم والمسكين.
6- تجنب الغضب الشديد لأي موقف لا يستحقه شرعاً .. فإنها فرصة الشيطان.
7- عدم الوقوع في الذنوب والمعاصي التي قد تحبط العبادة وترفع من شأن الشيطان.
الوصية الثانية .. كثرة الأذكار.
1- قراءة الأذكار في الصباح والمساء كما في بعض المراجع الصحيحة.
2- الوضوء دوماً وقبل النوم، ولا يكون إخراج الريح إلا في الحمام إن أمكن.
3- يقرأ الزوج ( وهذا أفضل ) وهو على طهارة سورة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذتين على ماء كثير للغسل والشرب.( وهي طريقة مأثورة عن ابن عباس وعمل بها الإمام أحمد وأتباع مذهبه ) والغسل يكون بنضح الماء على الجسم كله ثلاث مرات من على الرأس حتى يصل إلى القدمين، مع أخذ ملئ الكف اليمنى ونضح الأماكن المغلقة ( الزوايا ) ثلاثاً تحت الإبط وبين الثديين وعلى القبل والدبر وبين المرفقين وتحت الركبتين وتخليل الأصابع..
4- الاهتمام بأذكار النوم مع قراءة ( الفاتحة وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة-آمن الرسول إلى خاتمتها- وسورة الإخلاص والمعوذتين ) والدعاء كما في الصحيحين: عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليضطجع على شقه الأيمن ثم ليقل : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين .5- الاهتمام بالاستعاذة دوماً فإن الشيطان لا يسكته إلا خالقه.
الوصية الثالثة.. آداب في البيت..
1- قراءة سورة البقرة كل يوم على الدوام ولو من جهاز تشغيل كاسيت في البيت.
2- انتشار البخور والطيب في أركان البيت لطرد الشياطين ورفع صور الأرواح.
3- التسمية على كل عمل في البيت ولو عند تشغيل مفتاح الكهرباء وإغلاقه.
4- عدم الدخول في حجرة مظلمة إلا بعد الاستعاذة وكذلك الحمام.
5- عدم ترك الأطفال في حالة صراخ دائم وقراءة بعض آي القرآن عليهم.
6- التسمية ضرورية عند مقدمات الجماع وعند بداية الإيلاج مع ذكر الدعاء الصحيح: " اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ". حديث صحيح متفق عليه.
الوصية الرابعة .. أفضل الطعام والشراب.
1- أفضل الطعام ما كان طبيعياً طازجاً كالفاكهة والخضروات بعد غسلها مع اللحوم المذبوحة الطازجة.. والإكثار من الماء البارد مع التسمية قبل الأكل والشرب.
2- ونوصي بما أوصى به رسول الرحمة ( سبع تمرات عجوة من تمرات المدينة صباح كل يوم ) ففي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من تصبح بسبع تمرات من تمر المدينة لم يصبه سم ولا سحر ".
3- وضع الحناء على الكعبين وبعض أماكن الألم من الساقين.. كما قالت سلمى امرأة أبي رافع: كان إذا اشتكى أحد رأسه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فاحتجم وإذا اشتكى رجله قال اذهب فاخضبها بالحناء . حديث حسن رواه الطبراني وحسنه الألباني.وصح عنه صلى الله عليه وسلم قوله : " سيد ريحان أهل الجنة الحناء " . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيبه قرحة ولا شوكة إلا وضع عليها الحناء.
4- شراب الحبة السوداء مغلية أو مضافة إلى عسل نقي.. ففي الصحيحين قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام ". والسام يعني الموت.
5- والعسل قال الله عنه " فيه شفاء للناس " وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشفاء في ثلاث- أولها- شربة عسل..".وأخيراً: ليكن العبد على ثقة في الله وعلى يقين في أهمية الاستشفاء بما جاء في كتابه وبما ورد عن رسوله، فإن المريض إن لم يكن على ثقة بنفع العلاج فقد العلاج قدرته على الشفاء..
والله أعلى وأعلم، وهو الشافي المعافي، وهو على كل شئ قدير. انتهى.
للمزيد من مواضيعي
الموضوع الأصلي : بدع ومخالفات المعالجين بالقرآن الكريم -||- المصدر : مُنتَدَيَاتُ كَلِمَةٍ سَوَاءِ الدَّعَويِّة -||- الكاتب : كلمه سواء