من سيئات بعض المعالجين بالقرآن
1-قد يلجأ بعضُ الرقاة أو المشعوذين إلى كتابة آيات من القرآن على جسد المريض أو المريضة مدعيا أن هذا القرآن يكون سببا في إحراق الجن الذي أصاب المريضَ.وهذه وسيلة محرَّمة سواء تمت مع رجل أو مع امرأة.وهي محرمة كذلك سواء تمت بحائل أو بدونه.وتكون بطبيعة الحال أكثر حرمة إذا كانت مع امرأة وبدون حائل والعياذ بالله.
2-من ضلالات بعض الرقاة:
ا-أن الواحد منهم يدعي أنه بمجرد النظر إلى وجه المريض يعرف حقيقة المرض ,وهذا كذب ودجل وشعوذة قد يبعثُ عليه الطمعُ في أموال الناس أو حبُّ الشهرة.والمصيبة تصبحُ أكبر عندما يكون المريض امرأةً وخاصة إذا كانت جميلة,فيرقيها"صاحبنا"عن طريق النظر إلى وجهها.
ب-أن الواحد منهم يكتب آيات من القرآن على قطعة من القماش ثم يحرقها ويُقربها من أنف المصاب لاستحضار الجني أو حرقه.وهذا حرام قطعا بلا أدنى ريب.
ج-ومن ضلالاتهم ترك التسمية على الماء المقروء حتى يسمحَ الجنيُّ للمريض أن يشربَ منه,ولا يُؤذى الجني بالقرآن المقروءِ على الماءِ.
د-ومن ضلالاتهم العلاج ب "الحلتيت"وهو نباتٌ خبيثُ الطعم نتنُ الرائحة تحبُّه الشياطين وتنفر منه الملائكة,اخترعه السحرة للعلاج تقربا للشياطين.لكنني هنا أنبه-للأمانة العلمية- إلى أن بعض العلماء قالوا بجواز استخدام الحلتيت (رغم خبث رائحته) في علاج أمراض عضوية أو نفسية وكذا في علاج المصاب بالجن.وقالوا في علاج المصاب بالجن بأن الحلتيت يؤذي الجن ويطرده أو يقتله في النهاية.وما دامت إذن المسألة خلافية فيجب احترام الرأي الآخر وعدم تسفيهه.
ومع ذلك أقول-وهذا رأيي المتواضع كمسلم يعرف بإذن الله الحد الأدنى من الثقافة الإسلامية , وكراق منذ حوالي 21 سنة :
ا-أما استعمال الحلتيت كعلاج لبعض الأمراض العضوية أو النفسية التي نبه إليها الأطباء القدامى أو المعاصرون, فهذا أمر يجب أن يحترم ولا يناقش ولا تعقيب لي عليه لا من قريب ولا من بعيد , والطبيب يمكن أن يقدم-بسهولة- الدليل أو الأدلة المقنعة على وجود أي مرض عضوي.
ب-وأما استعماله في علاج المصاب بجن على اعتبار أن الجن يتأذى بالحلتيت , فهذا أمر يحتاج إلى دليل , والحقيقة – في رأيي- أنه لا يوجد دليل ولا نصف ولا عشر دليل,وذلك لأن الجن غيب والحلتيت مادة وشهادة, ومنه فعلاج الجن أو السحر أو العين هو القرآن بالدرجة الأولى ويكاد يكون هو وحده في (وحتى ) الدرجة الأخيرة.والرقية بركتها أكبر كلما كانت بعيدة عن الابتداع وقريبة من الاتباع.
هـ-ومن ضلالاتهم أن الواحد منهم يُعطي للمريض بعد الرقية لترا من العسل المرقي مثلا مخلوطا بقليل من الحلبة والسينوج,ويطلب في مقابل ذلك من المريض300000 سنتيم (ثلاثمائة ألف) ثم يدعي أنه لا يأخذ أجرا على الرقية بل يأخذ فقط ثمن العسل والأعشاب!ولقد كذِب كذبا مفضوحا وسرق سرِقة مكشوفة, لأن لتر العسل بحوالي 100000(في جزائر السنوات الأخيرة من القرن العشرين) سنتيما والأعشاب بحوالي 5000 سنتيم ويكون المجموع 105000سنتيم (مائة وخمسة آلاف),وحتى تلميذ السنة الأولى ابتدائي يعلمُ أن ( 105 ) لا تساوي وليست قريبة من (300).
3-من سيئات بعض الرقاة :
ا-الراقي الذي يبقى في دار المريض يوما أو أكثر(بل إن البعض منهم بقي في بيت المريض لمدة خمسة عشر يوما) يأكل من أحسن المأكولات ويشرب من أحسن المشروبات وينام أحسن"النومات" وكأنه في مطعم كبير ومقهى رفيع ونزل من آخر طراز,ويتحدثُ ويضحكُ مع الرجال وخاصة مع النساء صباحا ومساء!ويستمر أثناء ذلك في الرقية الواحدة ساعات وساعات,ويعيد الرقية مرات ومرات ,ويرقي من هو مريض ومن ليس مريضا ,وقد يكون الشخصُ ليس مريضا فيرقيه (بطريقة غير شرعية) فيصبح مريضا,وسبحان الله الذي له في خلقه شؤون.
ب-الراقي الذي ادعى أنه يحاربُ أكثر مما يحارب المسلمون الإنسَ اليهودَ,وذلك بمحاربته هو لآلاف الجن الذين يعتبرهم كلهم يهودا,بل إنه قادر-على حسب زعمه-على أن يقتل بجن مسلمين من يشاء من الإنس اليهود!.و"إذا لم تستح فاصنع ما شئت".ومع ذلك فنحن نتحداه إذا كان صادقا فيما يقول أن يقتل لنا يهوديا واحدا بمن عنده من الجن الصالحين(!) وآلاف الناس في كل مكان مستعدون لإعطائه ما يشاء من الأموال في مقابل ذلك.وهذا اليهودي هو "شارون" أو أي رئس سبقه أو أي رئيس لحقه.
جـ-الراقي الذي يزعُم للمريضة (وقد لا تكون مريضة أصلاً) أنها مُصابة بسحر محبة أو سحر عِشق من أجل إتاحة الفرصة لنفسه حتى يتكلم معها عن الجنس,لإمتاع نفسه هو لا لعلاجها هي!!!
د-الراقي الذي يتوقف عن العمل أو الوظيفة التي كان يكسبُ بها الرزق الحلال,ويتفرغ للرقية طلبا للربح السهل والسريع.ولا يكتفي بالأموال التي يبتزها من الناس بدعوى "أخذ الأجرة على الرقية"بل يفتح محلا يبيع فيه بعض الحشائش أو الأعشاب الطبية أو الماء المقطر أو زيت الزيتون أو العسل,ويفرض-بطريقة غير مباشرة-على زبائنه من المرضى أن يشتروا في الحين(بعد الرقية مباشرة)مما يبيع هو لا غيره!
والمريض للأسف لا يستطيع الاعتراض على هذا الراقي المحتال تحت ضغط المرض.ولولا أن الهوى غطى على عقول هؤلاء الإخوة لعلموا أنهم إذا استطاعوا أن يخدعوا الناس يوما فإنهم لن يستطيعوا خداعهم في كل الأيام ,وأما الله فإنه لا ولن يُخدع ولو لطرفة عين,ولعلموا أن بيع البطاطا أو غيرها من النشاطات التجارية هي أحسن لهم مليون مرة من سرقة أموال الناس بهذه الطريقة الملتوية.
4-إن أي مرض(عضوي أو نفسي أو سحر أو عين أو جن) له انعكاساته على نفس المريض,وربما نتج عن المرض شيء من الوساوس والشكوك (خاصة عند النساء)حول شفائه من هذا المرض الذي ألمَّ به.لذا فإن الواجب على الراقي أن يبعث روح الأمل في نفس المريض,وأن يُهوِّن عليه المرضَ ولا يُهوِّلهُ.لكن للأسف ما أكثر الرقاة الذين يأتيهم الشخص وليس به شيء فيخرج من عند الواحد منهم منهارا لأن الراقي أدخل في روعه بأن به شيئا.وقد يأتي المريض ومرضه بسيطٌ وسهلٌ للغاية فيخرج من عند الراقي يكاد يُجن لأن المُعالج بالقرآن أفهمه بأن مصائب الدنيا كلها نزلت عليه(!).
وأذكر بالمناسبة أن شابة(والذي ظهر لي فيما بعد,بعدَ طول الحديث معها وبعد أن رقيتها أنها مريضة نفسيا.وهذا هو الذي أكده أكثر من طبيب بعد ذلك.والمرض كان بسيطا لكن الراقي الجاهل عقَّدهُ) عمرها 20 سنة اشتكى أهلها من أنها تغضب وتثور لأتفه الأسباب,وتتكلم كثيرا,وتحب العزلة,وتسمع القرآن والدروس الدينية في البيت بصوت مرتفع يؤذي أهل البيت وكذا الجيران,وتقلق فوق اللزوم,وتريد أن تخرج من البيت لتذهب إلى أماكن مهجورة وخالية,ومن أنها عنيفة ومستعدة لتتشابك مع أي كان يعترض هوى من أهوائها,و...سألتها:"ما بك؟" فقالت والألم يعصر قلبها:"وكيف لا أكون كما قال لك أهلي,وقد ذهبت عند الراقي(فُلان)فأخبرني في نهاية الرقية بأن معسكرا كاملا من الجن يسكن في جسدي!".ثم أضافت قائلة:"وإذا كان الأمر كما قال بالفعل فما فائدة بقائي مقيمة مع الإنس؟!.إن السكن مع الجن أولى لي من السكن مع الإنس".نسأل الله الهداية لكل الرقاة.
5-من سيئات البعض من الرقاة ما يفعله بعض الجاهلين منهم من إحراق (أو ما يبدو بأنه إحراق) للجني سواء في جسد المريض أو خارج جسده,سواء كان المريض مصروعا أو كان غير مصروع لكنه مغمض العينين.إن ما يقع من هؤلاء المعالجين من حرق أو إرادة حرق لواحد أو أكثر من الجن أو لمئات أو آلاف من الجن أو لصفر من الجن مرفوض شرعا من أكثر من جهة:
الأولى: هي أننا ربما نضيع الوقت والجهد في حرق لا شيء(لأننا نحرق ما لا نرى)ونصبح بذلك أضحوكة في أعين الشياطين وفي أعين من يريد أن يشمت بنا من الإنس.
الثانية : هي أننا ربما نحرق جنيا واحدا فقط,ونتصور أننا نحرق المئات أو الآلاف من الجن,فيكون ذلك سببا في أن يضحك علينا العدوُّ ويشفق علينا الصديقُ.ولقد وقع للأسف الشديد في بعض الأحيان أن الراقي يقول أو يوهمُ المريضَ أو أهله بأنه في بضع ثواني أو في جزء بسيط من الدقيقة أحرق مائة أو ألفا من الذين كفروا(أو من الذين آمنوا)من الجن!وهذا لا يصلح إلا أن يكون في أفلام الخيال العلمي أو أفلام الكاوبوي أو في بعض الأفلام البوليسية أو..وحتى لو أردت أن تقتل ذبابا بواسطة مبيد الحشرات مثل Flytox لن تقتل من الذباب مثلما يدعي هذا الجاهل أنه أحرق من الجن(ويا ليت الذي يريد أن يكذب على الناس,يا ليته يحرص على أن يكذب كذبا يمكن أن ينطلي على بعضهم,أما الكذب المفضوح فلا داعي له مسبقا).إن الجن يكذبون على الراقي والراقي يكذب على المريض وأهله –من حيث شاء أم لم يشأ.نسأل الله أن يُبصِّرنا بعيوبنا – آمين-.
الثالثة : هي أن الحرق بالنار لا يجوز في ديننا لأن رسول الله-ص- قال: "لا يحرق بالنار إلا رب النار"وأنا لا أدري من أفتى للراقي بجواز حرق الجن بالنار؟! لذا فإنني أتمنى أن يعمل الراقي ألف حساب وحساب قبل أن يفكر في حرق الجن,إن فرضنا بأنه يمكنه أن يفعل ذلك حقيقة وواقعا,وليعلم أن الأصل في الرقية الاتباع لا الابتداع.وإذا ابتدع الراقي فليكن ابتداعه غير مناقض لنص ديني ثابت وصحيح وصريح في دلالته.
6-ومن السيئات كذلك ما يفعله البعض من الرقاة الجاهلون الذين يصنفون الجن-انطلاقا مما سمعوه منهم أثناء الرقية-بغير ما أنزل الله وبغير ما أخبر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم,فمنهم من يقول أنت عندك جني العشق وأنت عندك جني الهيام وأنت عندك جني الدراسة وأنت عندك جني المحبة وأنت عندك جني الأكل والشرب وأنت عندك جني أزرق أو أحمر أو أخضر وأنت عندك جني الهروب من البيت,كما وصل بعضهم إلى الادعاء بأن للجان ألوان وهكذا..ونحن عندنا الدليل من رسول الله صلى الله عليه على أن الجن كاذبون ولو صدقوا في النادر من الأحيان:"لقد صدقك وهو كذوب"كلمة قالها رسول الله-ص- لأبي هريرة حين نصح جنيٌ أبا هريرة بقراءة آية الكرسي,أي لقد صدقك الجن يا أبا هريرة في هذه المرة وإن كان الغالب عليه الكذب. وفي بعض الأحيان يكون المتردد على الراقي ليس مريضا البتة فيمرض حين يسمع بأنه مصاب بجن كذا وجن كذا (انطلاقا مما رآه مثلا وهو مغمض العينين ),وقد تكون إصابته بسيطة جدا فتصبح أكبر بعد أن يسمع كذب الجن ثم كذب الراقي عليه بعد أن صرع مثلا أثناء الرقية.
7-ومن السيئات كذلك أن يكون إنسانٌ ما مصابا بالجن فيتحدث الشيخ المعالج مع هذا الجن ويبعثه إلى مكان معين ليكتشف به مكان وضع السحر للأشخاص الموجودين في المجلس (أو للشخص الوحيد الموجود في المجلس) فيغيب هذا الجني عن ذلك الإنسان المصروع ثم يحضر بعد دقائق فيبدأ بالحديث على لسان المريض فيقول بأن السحر موجود في المكان الفلاني أو تحت الشجرة الفلانية أو تحت الجدار الفلاني .وعندما يذهبون للبحث عن ذلك السحر قد لا يجدون شيئا.وفي بعض الأحيان الأخرى يقوم هذا الجني نفسه بوضع شيء ما في مكان معين فيعينه للشيخ فيذهب الشيخ ويجد مثلا قرطاسا أو خرقه مدفونة تحت شجرة أو فوق دار أو ..فيظن الحاضرون الجهلة بأن هذا هو السحر فيخرجونه وهو في حقيقة أمره ليس بسحر .إن في هذا من التدليس والكذب على الناس ما فيه,وهو من جهة أخرى نوع من الاستعانة المحرمة (بالجن) التي نهى عنها الشارع الحكيم.
8-ومن السيئات كذلك ما يطلبه بعض المعالجين الجاهلين من المرضى من الذهاب إلى البحر والنزول فيه والاغتسال فيه ظنا منهم أن هذا سوف يبطل السحر عند المريض,وهذا العمل ليس له أساس من الصحة ولا من التجربة, ولا يقول به عالم ولا طبيب.إنه مجرد اجتهاد خاطئ و فيه تكليف للناس بأمور قد لا يقدرون عليها.وهناك من ينصح المريض بالشرب من ماء البحر لأيام,وهو بهذه النصيحة الحمقاء قد يقتل المريض سواء شعر أم لم يشعر,وهناك من المعالجين الجهلة من يأمر(ولا ينصح) مريضة بأن تصوم لأيام متتالية لا تأكل ولا تشرب خلالها شيئا إلا "السنا المكي"وفي هذا من الخطورة ما فيه على المريضة,فضلا عن أن"صاحبنا"يكون بها الذي أمر به المريضة قد وضع نفسه في مكان طبيب وهو ليس بطبيب ولا يشبه الطبيب لا من قريب ولا من بعيد.نسأل الله العافية والهداية.
وإذا وجد من يقول بأن الملح يؤذي الجن –وأنا أعترف بأن البعض من إخواننا ممن يكتب في الرقية الشرعية يقول بالفعل بهذا القول-فإنه يلزمه تقديم الدليل على ذلك ولا أظنه سيستطيع لأن الجن غيب والملح مادة وشهادة , ومنه فالأفضل (إن لم أقل يجب) أن نبعد الرقية ما استطعنا عن الابتداع لأن بركته هي أكبر – والأجر عليها بإذن الله أعظم- كلما كانت أقرب إلى الاتباع وإلى العلاج بالقرآن وكفى أو ما ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
9-ومن السيئات إرهاق بعض المعالجين للمرضى بقراءة القرآن بشكل كبير لا يطيقه المريض ,كأن يؤمر بقراءة سورة البقرة عدة مرات في اليوم أو قراءة القرآن كله في ثلاثة أيام أو قراءة سور معينة مئات المرات في اليوم أو …فيبدأ المريض متشجعا ثم بعد ذلك يقف فلا يقرأ شيئا من القرآن,بل قد يكون ذلك سببا في أن يصبح المريض بعد ذلك يبغض قراءة القرآن.ولو نظرنا إلى سنته صلى الله عليه و سلم وأقوال العلماء لوجدنا أن الأمر بسيط وليس فيه مشقة ولا أصر ولا تكليف بما لا يطاق,وليست فيه هذه المقادير ولا هذه الأعداد بهذه الكميات الكبيرة,لذا فمن أراد البركة في الرقية والأجر عند الله ثم الذكر الحسن عند الناس –ولو بعد حين-فعليه أن يتبع و لا يبتدع.
10-ومنها كذلك أن بعض المعالجين بالقرآن يُنصِّبون أنفسهم أطباء وما هم أطباء,فيستخدمون أعشابا (دون علم مسبق وكاف بهذه الأعشاب) قد يكون فيها أضرار على المريض ,والبعض من هذه الأعشاب يستخدمها السحرة والمشعوذون مثل الحلتيت و دم الأخوين وغيرها من الأعشاب,وهذه الأعشاب كثيرا ما تضر الإنسان بشكل عام و قد تتسبب في موته في بعض الأحيان ،وهذا يسمى تطبيب بغير علم ولقد قال النبي صلى الله عليه و سلم "من طبب ولم يُعلم له طب فهو ضامن" أي يضمن بدفع الدية أو القصاص,والله أعلى وأعلم.
11-يقول بعض الرقاة بأن جبريلا-ص-ينزل من السماء في بعض الأحيان ويساعدهم على إخراج الجن من المصاب بمس!وهذا كلام فارغ لا قيمة له ولا دليل عليه ولا أصل له في ديننا.
12-من غرائب الرقية عند البعض ممن يعالج بالقرآن:الرقية الجماعية والتي يمارسها البعض من أدعياء الرقية في الجزائر أو غيرها,والتي يجلس فيها الراقي أمام 5 أو 10 أو 15 أو 20 من المرضى في قاعة واحدة,ويرقيهم في نفس الوقت.إن هذه الرقية غير مناسبة وغير مقبولة وغير مستساغة من وجوه عدة منها:
ا-أن المريض يكشفُ أسراره بمثل هذه الرقية لكثير من الناس الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم ,والمريض –عادة-لا يحبُّ أن يطَّلعَ على أسراره أحدٌ من الناس,خاصة إن كان امرأةً.إن القراءة الفردية,بمعنى الخلوة بالمريض (أو المريضة مع محرمها) وسؤاله عن حالته والقراءة عليه مباشرة وما يجده المريض من اهتمام به أكثر مع توجيه الرقية وتركيزها عليه,ومع ما في ذلك من الفائدة في تحديد حالته المرضية وستر لأسراره,لا شك أن ذلك كله أنفع بكثير وأفضل من الرقية الجماعية.
ب-لا تتاح الفرصة للراقي أن يسمع من كل مريضٍ كما ينبغي,وأن ينصحه كما يلزم.والمعلوم بداهة خاصة عند من يمارس الرقية الشرعية,أن السماع من المريض ثم تقديم النصائح والتوجيهات المناسبة له أمرٌ مُهمٌّ جدا على طريق العمل من أجل علاجه.وهذا أمر مشاهدٌ ومعلوم ومعروفٌ.
جـ-لا يتمكن الراقي بهذه الطريقة من أن يُشخِّصَ مرضَ المريضِ وأن يعرفَ طبيعته,لأن المريض لا يحبُّ في العادة أن يتكلم مع الراقي عندما يجدُ نفسه في قاعة واحدة وفي وقت واحد مع مجموعة كبيرة من الناس سواء كان يعرفهم أو لا يعرفهم.
د-هذه الطريقة يمكن جدا أن تكون سببا في إصابة من لم يكن مصابا أصلا.يحدث هذا أثناء وجوده في جو مشحون ومكان قد يسبب له رعبا,فهذا يُصرع أمامه وذاك يصرخ بكل شدة وهذا جني يعاهد على الخروج وآخر يزمجر ويهدد ويتوعد.وفي هذا الوضع الذي يتسم بالفوضى ما الذي نتوقع أن يحدث للمريض (وقد لا يكون مريضا أصلا) ؟.غالبا لن يخرج سليما,فقد يصاب بالمس من الجن أو قد يتأثر نفسيا,وفي أحسن الأحوال سوف يأخذ انطباعات عكسية وسيئة عن العلاج بالرقية الشرعية.
هـ-بهذه الطريقة قد تنكشف عورات المريض أمام الناس لأنه قد يُصرع ويتخبط (بسبب مس الجن أو بسبب الصرع الطبي) فتنكشف عورته ويذهب ماء وجهه ويظهر في منظر سيء (وخاصة إذا كان ذا منصب وصاحب مكانة أو كان امرأة أو...).ولا شك أن ذلك كله لا يُقره الشرع الذي جاء بالحفاظ على العورات وأمر بسترها.
ولقد جاء عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية في الحكم الشرعي في الرقية الجماعية "الرقية لا بد أن تكون على المريض مباشرة".
والمضحك المبكي أن هذا الراقي يقول للمريض:"أغمض عينيك وقل لي ماذا ترى؟"فإذا أخبره المريض بأنه لا يرى شيئا,ألح عليه الراقي قائلا:"لا بد أن ترى شيئا"!وشر البلية ما يُضحك.والحقيقة تقتضي مني أن أقول بأن المريض قد يكون مصابا بسحر أو عين أو جن أو بمرض عضوي أو نفسي أو قد لا يكون به شيء,ولكن هذا الراقي مريض بمرض من نوع آخر أخطر وأصعب يتمثل في جهله وكبريائه وعناده ونفاقه وتشويهه للدين وللرقية وكذبه على الناس.ووالله لو أن السلطة في بلادنا لها أدنى غيرة على الدين وشعائره لحاربت هؤلاء الرقاة أولا ثم انتقلت بعد ذلك إلى محاربة السحرة والكهنة و..
13-الراقي أمام المريض سيدٌ قبل أن يكون أهلُ المريض سادة,وكلمتُه مقدمة على كلمتهم, ورأيه نافذٌ قبل رأيهم. يستطيع أن يُخرِج أثناء العلاج من يُعطِّل علاجَه-أبا كان-.قلت:الراقي سيدٌ حتى يُشخِّص الداء ويعطي الدواء ويخفِّف عن المريض مرضَه.لكن يجب أن يكون الراقي راقيا بالفعل ولن يكون كذلك إلا إذا كان له النصيب الكافي من العلم بالشرع عموما وبالرقية الشرعية خصوصا,أما أن يكون جاهلا فلا هو سيدٌ ولا يشبهه ولا يجوز أن يُحتَرَم ولا أن يُطاع,كالشاب الذي يزعم أنه راق والذي أمرَ أهل مريض (ما أكل أكثر من أسبوع,وجفَّ جسمه من قلة شربه للماء,وهبط الضغط الدموي عنده إلى درجة مخيفة,وطلب الطبيبُ من أهله أن يأخذوه حالا إلى المستشفى)بأن لا يأخذوه عند الطبيب أو إلى المستشفى مُدعيا بأن المريض مصابٌ بجن وأن الجن سيخنقونه في الطريق إذا أُخِذ!!!.و"شرُّ البلية ما يُضحِكُ"كما يُقال.
14-ومن غرائب بعض الرقاة الجهلة ما يسمونه "حبس الجن في الجسد بالنية",وهي أن ينوي المعالج في نفسه أن يحبس الجني في يد المريض أو رجله ,فيؤدي ذلك إلى حبسه كما يزعم.وهذه المخالفة مرفوضة:
أولا:لأنها مخالفة للسنة في الرقية حيث أن رسول الله-ص-لم يثيت عنه أنه حبس جنيا في جسد ممسوس.
ثانيا:لأنه خلاف المطلوب الذي هو إخراجه من جسد المصاب,وفي هذا الحبس المزعوم (إن وقع فعلا)إبقاء على اعتداء هذا الجن المعتدي وإعانة له على باطله وإقرار له على منكره.
ثالثا:لأن هذا الحبس"حكاية"لا علاقة لها ولا رصيد لها من الواقع إذ من يُؤكد على أن الجن يُحبس بالفعل بهذه الطريقة ؟!.من ؟!,والجواب"لا أحد".ولو كانت الأماني تُحقّق بالنية بهذه البساطة والسذاجة فلننو جميعا أن يعود الأقصى إلى حوزة المسلمين وأن تعود العراق للعراقيين وأن يُدحر أعداء الدين ,بل وأن يرزقنا الله بالأموال والأولاد والنساء و..ولننظر هل يتحقق لنا هذا بمجرد النية أم لا ؟!.
رابعا:"إن الجني المعتدي لم يمتثل أمرك-أيها الراقي-له بالخروج من جسد المريض ,فكيف يطيع أمرك بأن يجتمع في اليد أو الرجل لتقتله ؟!".أو"جني يفر منك عند ضربك له,فهل ينتظرك لتقتله ؟!".إن هذا التفكير(من بعض الرقاة ) واللهِ عجيب وغريب.
ولقد سُئل الشيخ عبد الله بن قعود عن حبس الجن في الجسد بالنية وقتله بعد حبسه ,فأجاب:"لا يحبس الجن إلا اللهُ,وهذا أمر غيبي,وهذه أوهام.وأما ذبحه فإن الاعتداء على الجن لا يجوز إلا بحقه.ومسألة جمعه وحبسه فذلك غيب لا يعلمه إلا الله".
15-ضرب المصاب بجن من أجل إخراج الجن مرفوض شرعا لجملة أسباب منها:
الأولى: أنه لم يثبت بذلك شيء من الكتاب والسنة.ولو كان الضرب هو الحل لأرشدنا رسول الله-ص-إلى العلاج عن طريق ملاكم لا عن طريق راقي!.
الثانية:إذا لم ينتفع المريض بالرقية الشرعية ,وهي أقوى شيء على الشياطين إذا صدرت من قبل مؤمن ونية صادقة ,فمن باب أولى أن لا ينتفع المريض بالضرب مهما كان قويا.
الثالثة: لا أحد يستطيع أن يجزم جزما قاطعا أن الضرب لا يقع على جسد هذا المريض وإنما يقع على الجان. وليس في ذلك إلا غلبة الظن التي تخطئ أكثر مما تصيب ويقع ضحيتها أناس مرضى مساكين (خاصة منهم النساء) لا يعلم الذي ضربهم مصيرهم بعد الضرب وما يعانون بسبب ضربه إياهم.
الرابعة:إن حادثة واحدة وقعت لشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله (حيث ضرب فيها مصابا بجن,والضرب بطبيعة الحال واقع حتما على الجني لا على المريض) لا ينبغي أن تُجعل شرعا وسنة يُؤذى على ضوئها وبسببها عدد غفير من المرضى المساكين.وليت الذين يعالجون بالضرب يتأسون بشيخ الإسلام في باقي خصاله من العلم والعمل والصدق والإخلاص.
الخامسة: ثبت بالتجربة أن بعض المرضى الذين ليس بهم جن إذا ضُربوا ضربا مبرحا (خاصة إن كانوا مربوطين ولا يستطيعون التخلص من الرباط),فإذا الواحد منهم سرعان ما يقول بلسان نفسه أنه جني وأنه يعاهد على الخروج من أي مكان يريد الراقي.والهدف بطبيعة الحال واضح هو أن المريض يريد التخلص من الضرب الشديد الذي صار أشد عليه من أن يقال عنه أنه مصاب بجن.
السادسة :هناك أمراض نفسية عصبية (أنواع من الهستيريا التحولية) يحصل فيها فقد تام أو شبه تام للإحساس بالألم والحرارة وسائر أنواع الإحساس,بحيث لا يحس المريض حتى بأشد أنواع الضرب ( وأحيانا يتمزق بعض جلده ويتصبب منه الدم ولا يحس ),فيظن المعالج الذي يضرب أن هذا المريض فيه جن.وإذا كان المريض في حالة إغماء فإن الراقي قد يبالغ في ضربه.وعندما يفيق المريض (بعد فترة لأن الحالة عادة لا تدوم سوى ساعات أو أقل) وقد زالت عنه الحالة :
ا-يظن الراقي الجاهل أن هذا المريض كان به جن وخرج بعد الضرب.
ب-وأما المريض فيجد جسده ممزقا وكأنه كان عند جزار لا عند راق,ويجد نفسه مصابا بأمراض عضوية لم يكن مصابا بها من قبل.
مع ملاحظة أن الطبيب الاختصاصي يمكنه أن يعالج الحالة السابقة في أقل من 5 دقائق عن طريق إبرة لا يتعدى محتواها قطرات من السائل الدوائي تؤثر على مستقبلات الألم والإحساس عموما في الدماغ وتعيدها إلى توازنها ,فيستيقظ المريض أو المريضة وليس عليه بأس,وقد يفيق ويقول :"ما الذي جاء بي إلى هنا ؟".
وما يقال عن الضرب يقال أكثر منه ومن باب أولى عن الخنق.وقد سئل الشيخ بن باز رحمه الله عن حكم استعمال الخنق والضرب لمن يعتقد أن فيه جنا ؟.وأجاب :"هذا يفعله بعض الناس,وينبغي تركه لأنه قد يتعدى عليه ويضره على غير بصيرة.ولقد ورد عن بعض الأئمة فعل ذلك مثل الضرب,وهذا يحتاج إلى نظر,فإن الضرب أو الخنق قد يترتب عليه هلاك المريض,والمشروع والمعروف هو القراءة فقط بالآيات والدعوات الطيبة.وهذ هو الذي ورد عن النبي-ص-والصحابة رضوان الله عليهم,ولا نعرف منهم أنهم كانوا يضربون.أما فعل بعض العلماء فليس بحجة لأن هذا فيه نظر,فقد يأتي إنسان يدعي الرقية والطب ويؤذي الناس بالضرب والخنق,وربما قتله وهو يريد نفعه,فالواجب عدم فعل ذلك وعدم التعرض لهذا الخطر العظيم.ولو كان خيرا لبينه النبي-ص-وبينه الصحابة رضي الله عنهم.ثم هذا في الغالب تخرصات,فقد تفضي إلى هلاك المريض".
والخنق مرفوض شرعا لأسباب عدة منها :
الأول:أنه لم يثبت ذلك في الكتاب أو السنة.ولو كان الخنق هو الحل من أجل التخلص من الجن الماس لأرشدنا إليه رسول الله-ص-,لكن الذي ورد عن رسول الله-ص-هو فقط القراءة والزجر والأمر للجن المعتدي بالخروج.والذي ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي-ص-أن رسول الله –ص-خنق جنا ولم يخنق إنسا.
الثاني:من أين لنا الجزم بأن هناك جنيا في بدن المريض؟,وكيف نعرف إذا كان الخنق يقع عليه أم على المريض؟.والمعروف أن الجن يفر عند استخدام الضرب,فما الذي يمنع فرار الجني أثناء حدوث عملية الخنق؟.
الثالث: في استخدام الخنق ضرر أعظم من ضرر بقاء الجن في بدن المريض,والمعلوم أنه إذا كان في إزالة المنكر منكرٌ أعظم منه يعقبه ,فلا يجوز إزالته.
هذا ويلاحظ أن إغلاق مجاري الهواء العليا عن طريق الضغط على الحنجرة,يؤدي إلى ...ثم إلى الموت خنقا.كما أن إغلاق الشرايين التي تحمل الدم إلى الدماغ يؤدي إلى ما يسمى بالموت الدماغي...وفي بعض الأحيان وبسبب الخنق قد تحدث جلطة في المخ تؤدي إلى شلل نصفي كامل.
16-شروط الجني من أجل الخروج من جسد المصاب مرفوضة إذا كانت حراما كأن يطلب ذبحا لغير الله أو كتابة للقرآن بالدم أو يطلب الزنا أو مقدماته.أما إذا كانت مباحة وليس فيها تكليف شاق كأن يطلب من المريض-قبل خروجه من جسده-أن يأكل أو يشرب أو ينام,فقد تُقبل وقد لا تُقبل على حسب المقام وحسبما يظهر للراقي الكيس الفطن.أما إذا كانت طاعات كأن يطلب من المريض أن يصلي لله أو يصوم لله أو يطلب من أهل المريض أن يتصدقوا,فلا بأس من قبولها.
17-لا يُعذر الجن أبدا إذا اعتدى على بشر,حتى ولو ادعى أنه فعل ذلك من أجل تعليمنا ديننا (والمعروف في ديننا أن سيدنا محمد-ص-الإنسي هو الذي أرسله الله ليُعَلِّم الإنس والجن على حد سواء وليس العكس) أو ادعى أنه مجبر على الاعتداء ,لأنه لا أحد يجوز له شرعا أن يعتديَ على أحد تحت الإكراه,ولأن اعتداءه على مسلم حرام على كل حال.
18-نحن حين نتعلم الدين,نتعلمه من الإنس لا من الجن,والرسول محمد –ص-,وهو إنسي,بُعت للجن والإنس معا.ومن هنا,لا يُقبل من أي جني الاعتذار عن تسلطه على الإنسي بأنه جاء ليبلِّغَ لنا الدينَ وليعلِّمنا إياه.لا يُقبل منه هذا أبدا,لأن هذا لا يصلحُ أن يكون عذرا صحيحا وإنما يصلحُ أن يكون"نكتة بايخة"كما يقول إخواننا الشرقيون.
19-إن ادعَى الجني بأنه لا يستطيع الخروج من المصاب فلا تصدّقه.ومع ذلك,علِّمه كيف يقول على سبيل المثال من أجل التمكن من الخروج:"بسم الله وعلى بركة الله,أخرجني يا رب بحولك وقوتك,إني تبت إليك,الله أكبر".
20-من الأخطاء الشائعة عند الكثير من الرقاة-وحتى البعض ممن يكتب في الرقية الشرعية من الدعاة- أن الجن لا يجوز أن يخرج من العين أو المخ أو الأذن لأنه قد يتلفها.ونحن نوجه لهؤلاء المعالجين أو الكتاب السؤال الآتي:من أين لكم بهذا الظن ؟.
ا-فإذا قالوا "وقع ذلك بالفعل", أي خرج جني معين من عين المصاب مثلا فأتلفها,نقول لهم :"أذكروا لنا حادثة واحدة تدل على ما ذهبتم إليه", حادثة واحدة حقيقية لا شبه حادثة.
ب-إذا كان ذلك إخبار من الجن المعتدين فالمعلوم أن أخبارهم محل نظر,والغالب أنهم لا يصدقون خاصة أنهم معتدون صائلون.
جـ-إذا كان ذلك توقعات من بعض المعالجين فهو مردود لأن ذلك من الأمور الغيبية التي لا تُعلم بالعقل ,والتي ينبغي على المسلم أن يتوقف عن القول فيها بدون علم أو دليل.
ويكفي المعالج أن يفعل ما فعله رسول الله-ص-من أمره الجن بالخروج فقط بدون تفصيل لا من يد أو رجل أو عين أو أنف أو مخ أو ...ولقد سئل الشيخ عبد الله الجبرين عن هذه المسألة بالذات فأجاب"معروف أن الجني يلابس الإنسي ويغلب على جميع بدنه,والظاهر أنه يدخل من جميع البدن.ويمكن أن يدخل من بعض الأعضاء ..وهكذا يُقال في خروجه,فيمكن أن يخرج من أحد الجانبين كما دخل منه أو من أحد أصابع اليدين أو أصابع الرجلين والفم والأنف والأذنين ونحو ذلك...إلى أن قال : فالظاهر أنه لا يتأثر العضو الذي يخرج منه سواء عينا أو أذنا, والله أعلم