لايزال ماجد 24 عاماً يتذكر حكايته مع كتب الشعوذة حينما كان يرافقه عدد من اصدقائه يقضون عطلة الصيف في دولة عربية. الحكاية بدأت عندما استطاع دليل الرحلة وهو مواطن من تلك الدولة ان يكسب ثقة «بشكة» السفر فقام باستضافتهم في منزله وتكررت زيارات ماجد ورفاقه الى منزل «الدليل» عدة مرات ولم يكن اي واحد منهم يتصوّر ان الرجل الذي قدم لهم نفسه كدليل للمواقع السياحية في ذلك البلد سوى مشعوذ يروّج لكتب السحر وتعليم الطلاسم.. حيث فوجئوا به في احدى المرات يجلس في خلوة بمنزله وهو منهمك في مطالعة كتاب اصفر اوراقه مهترئة .. فدفعهم الفضول لمعرفة محتويات ذلك الكتاب ولدهشتهم اكتشفوا أنه يتضمن رسوما وطلاسم وكتابات غير مفهومة ولان ماجد كان اكثر شلة السفر فضولاً فقد حاول التعرف على تلك الطلاسم وانكب يقرأ في الكتاب بمساعدة المشعوذ والذي بدا مسروراً بذلك غير انه وفقاً لما جد فقد بدأ يشعر بعد عدة ايام من مطالعته لذلك الكتاب انه مشوش الذهن وانه لكأنما يحمل جبلاً فوق رأسه وليس هذا فحسب بل ان نومه اصبح متقطعاً وبدأ يشاهد في منامه اسرابا من الخنازير والقطط السوداء وكلابا مسعورة تطارده وتحاول ان تنهشه بعد هذه الوقائع استشار احد المشايخ فحذره من المضي في هذا الطريق وبصعوبة فائقة رجع الى حالته السابقة وقطع علاقته مع مروج كتب السحر والطلاسم.. بعض الفضوليين او ضعاف النفوس يسبحون عكس التيار ويحاولون الابحار في متون كتب السحر والشعوذة بل ان بعضهم يحاول تعلم اسرار وطرق السحر من هذه الكتب الصفراء المليئة بالخزعبلات.
السؤال الذي يطلق اجنحته هنا لماذا يلجأ البعض الى مطالعة كتب السحر او اقتنائها وهل يمكن ان يؤدي الفضول الى الجنون خاصة وانه في هذه الأيام تجد بعض العامة يتداولون كتب السحر والطلاسم سراً فيما بينهم في صور «ملزمات» مصورة حيث ان حجة الذين يتداولون هذه الكتب واهية تتمثل في انها للاستشفاء ولا تضر احداً.
وفي هذا السياق يقول خزعل الماجدي مؤلف كتاب «نجور» وهو عبارة عن دراسة علمية في الطب والسحر ان ايمان الانسان البدائي بقدرة الساحر على الاشفاء كان واحداً من اهم عوامل بقاء السحر والطب متصلين لفترة طويلة وحتى عندما تؤدي الادوية مفعولها فان أصحاب الجهالة من مدمني كتب الخزعبلات يرون ان الشفاء تم بسطوة السحر وليس بالدواء واضاف ان الذين يقتنون هذه الكتب هم في الدرجة الاولى من الاشخاص الذين تنهشهم الامراض الجسدية والنفسية ولم يجدوا في الطب الحديث شفاء يخلصهم مما هم فيه.
وتابع ان هؤلاء السذج يعتقدون ان كتب السحر خلاص لهم من امراضهم .. كما ان البعض يقتني الكتب الصفراء لاغراض اخرى غير طبية مثل البحث عن استمالة شخص آخر على سبيل المثال ومن الكتب الصفراء التي ينخدع بها السذج هناك كتاب «الرحمة» وهو الاصدار الاشهر في تعلم السحر وكان احد المشايخ المتخصصين في كشف الاعيب السحرة قد اوضح ان هذا الكتاب الاسود يلازم جميع السحرة.
وهو عبارة عن مجلد صغير مكتوب على غلافه «الرحمة في الطب والحكمة» والكلمات البريئة السابقة لا توحي بمضمون الكتاب فخلال صفحاته يستعرض مؤلفه خزعبلات وعقد شيطانية ورسومات غريبة اضافة الى وصفات شعبية من اعشاب وادوية منها قلب القرد ودم الديك الى غيرها من الخزعبلات والطلاسم.
وفي هذا الصدد قال الشيخ محمد القرني انه في الاونة الاخيرة انتشرت بعض كتب تعليم السحر وفي هذه الكتب دعوة للشرك الصريح وطلاسم وتقرب للشياطين.
واضاف ان البعض يفتخر انه يمتلك مثل هذه الكتب.
وتابع ان الانسان الكامل الايمان لا ينبغي له مطالعة الخزعبلات التي في هذه الكتب الا ان يكون رجلا قوي الايمان عنده من العلم ما يجعله يعرف حقيقتها او الرد عليها.
واضاف ان الشيء الغريب ان البعض يقتني هذه الكتب ويحتفظ بها ويجعلها في مقدمة كتبه مع ما تشمله من الدعوة الى الشرك وقد تؤدي بقارئها الى الجنون نظراً لما تتضمنه من خزعبلات وطلاسم تأكل العقل وواصل حديثه قائلاً: انه يجب على اي انسان لديه مثل هذه الكتب ان يتخلص منها بحرقها واتلافها مع التوبة من ذلك.
ومن يعثر بحوزته على هذه الكتب يعزر على ذلك واذا نظرنا الى مثل هذه الكتب المضللة نجد انها مكتوبة بلغة خادعة واسلوب لا يستطيع ان يفك شفرة خداعه سوى عالم حصيف.
اما الفضول الذي يعتري البعض لقراءة هذه الخزعبلات فهو فضول قد يقود الى الجنون. يقول سعد آل صالح كان لدي صديق يهتم بهذه الكتب ويهوى اقتناءها وبمرور الأيام شعر انه اصبح شخصاً آخر تلتبس في عقله الاشياء كما انه اصبح متوجساً وقلقاً وشحب لونه واصيب بالاصفرار وقبل ان تستفحل حالته .. اخذه اهله الى احد المشايخ فقرأ عليه وفي مجلس الشيخ اعترف مقتني هذه الكتب انه ادمن على قراءاتها. واعلن توبته وافصح انه كان يطالعها حباً في الفضول فقط حتى كادت ان تهوي به الى الدرك الاسفل.