ما معنى الرؤيا على رجل طائر...؟
روى الترمذي بسند صحيح عن أبي رزين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(رؤيا المؤمن جزء من أربعين جزءاً من النبوة، وهي على رِجلِ طائر ما لم يُحدّث بها، فإذا حدّث بها سقطت، ولا تحدّث بها إلا لبيباً أو حبيباً)،
وفي بعض الروايات (إلا من تحب)، والمراد بالطائر عندي: ما قضى الله وقدر له نظير
... قوله تعالى: ((وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه))، أي عمله وما قدر له، فمعنى هذا الحديث عندي والله تعالى
أعلم أن رؤيا المؤمن مبني على قضاء الله تعالى وقَدرٍ قًدِّرَ له لا يعلم هو ما قدر له ما لم يحدّث بها ويعبّر عنها معبّر، فإذا حدّث
بها وعبَّر عنها معبِّر بإلهام من الله تعالى أو بقوة الرأي والاستنباط الموهوبة له منه تعالى، وقعت، أي ظهرت واتضح ما هي مقضي له،
(ولا تحدّث بها إلا لبيباً ذا رأي أو حبيباً)، أي رجلاً صالحاً يحب الله والمؤمنين ويحبه الله والمؤمنون، وهو المعني بقوله (إلا من تحب)،
فإن المؤمن لا يحب إلا مؤمناً صالحاً، فاللبيب يعبِّر بالرأي السليم، والحبيب لله تعالى يعبِّر بالإلهام، فلا يقع الخطأ في تأويلهما.
أنواع الرؤيا
وما ذكرت من أقسام الرؤيا مستفاد من الأحاديث،
روى ابن ماجه بسند صحيح عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(الرؤيا ثلاثة، منها تهاويل الشيطان ليحزن ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)،
وروى الترمذي وابن ماجة
بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الرؤيا ثلاث، فبشرى من الله، وحديث النفس، وتخويف الشيطان، فإذا
رأى أحدكم رؤيا تعجبه فليقصّها إن شاء، وإن رأى شيئاً يكرهه فلا يقصّها على أحد وليقم يصلي، وأكره الغُلَ وأُحِبُّ القيد، القيد ثبات في الدين).
روى مسلم عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
(الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان، فمن رأى رؤيا فكره منها شيئاً فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان فإنها لا تضره،
ولا يخبر بها أحداً، وإن رأى رؤيا حسنة فليُـبْشِر ولا يخبر بها إلا من يحب)،
وعنه في الصحيحين وعند أبي داود الترمذي بلفظ:
(الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه فلينفث حين يستيقظ عن يساره ثلاثاً وليتعوذ بالله منها فإنها لا تضره).
فإن قيل: ما معنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم (من رأى رؤيا فكره فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله منها)
؟ قلنا: معناه والله أعلم أن الرؤيا إن كانت من تخويفات الشيطان وتسويلاته فيذهب وسوسته بالتعوذ
، وإن كان من عالم المثال فقد يكون حكاية عن قضاء معلق، فالتعوذ منها أي من الرؤيا يردّ القضاء المعلق -إن شاء الله تعالى-
فلا تضره، ومعنى قوله صلى الله عليه وآله وسلم (فلا يقصها على أحد وليقم يصلي) أنه إن قصها على يحزنه تعبيرها، فالأولى أن يرجع
إلى الله تعالى بالصلاة والدعاء حتى يرفع القضاء المعلق المحكي عنه بالرؤيا،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)
...الحديث، رواه الشيخان في الصحيحين
أسباب صدق الرؤيا
من أراد أن يرى خيراً, ويطرد منه الوساوس والشياطين وأحاديث النفس فعليه كما قال ابن القيم رحمه الله: "ومن أراد أن تصدق رؤياه، فليتحر الصدق، وأكل الحلال،
والمحافظة على الأوامر والنواهي، ولينم على طهارة كاملة، مستقبل القبلة، ويذكر الله حتى تغلبه عيناه، فإن رؤياه لا تكذب البتة.
وأصدق الرؤيا ما كان في الأسحار، فإنه وقت النزول الإلهي، واقتراب الرحمة والمغفرة، وسكون الشياطين، وعكسه رؤيا العتمة،
التي هي وقت العشاء، عند انتشار الشياطين والأرواح الشيطانية، فكون الرؤيا تصدق بالأسحار فهذا غالباً، غالب الرؤيا الصادقة تكون في الأسحار".