الرقية بين الدجل والضوابط الشرعية
بقلم : الشيخ محمد مناعي
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
لقد ظهر في الآونة الأخيرة أناس يدعون العلاج بالرقية واتخذوها مهنة وحرفة للإرتزاق
حتى غدت لهم أماكن ومقار بل وعيادات يؤمها خلق كثير من الموهومين والموسوسين وضعفاء الإيمان ، فقويت شوكتهم وذاع صيتهم بنشر الدجل والشعوذة والافتراء على الله جهارا نهارا ، يتم هذا كله تحت غطاء الدين والقرآن وباسم الرقية الشرعية ، وهم في حقيقتهم يلبسون على السذج والبسطاء ويوهمونهم بإزالة السحر وإخراج الجن ، ويأخذون مقابل هذا الإفك والزور ما لا يأخذه الطبيب المختص الذي أفنى عمره في أعرق المعاهد والكليات العالمية ، فلا تعجب إذا رأيت أحدهم يقود سيارة فخمة من أحدث طراز أو يسكن منزلا لا يحلم به أكبر مهندس معماري ... قال تعالى : (( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون )) البقرة 79 .
إن طوائف الرقاة المتواجدين بين الناس يمكن أن نصنفهم إلى ثلاثة أصناف : ـ دجال محترف ومشعوذ مرتزق همه ملء جيبه وتحقيق مآربه لا تهمه عقيدة هدمت ولا أعراض انتهكت ولا أموال بالباطل أكلت . ـ راق جاهل بالشرع ، ذي زاد ضحل يدّعي حسن النية ومنفعة الناس ، ضره أقرب من نفعه وفساده أكثر من صلاحه .
ـ راق متمسك بالضوابط الشرعية يرقي ابتغاء مرضاة الله لا يقصد مالا ولا شهرة ، وهم القلة مع الأسف الشديد .
ومما يمتاز به الفريقان الأول والثاني، المبالغة والتهويل واختلاق الأخبار الملفقة عن الجن والسحر والعين ، كمن يدعي مثلا أن الجن تكشف له عن الأمراض وتصف له العلاج ، أو يقول للمريض أنت مسحور أو معيون من قبل فلان أوعلان ، ويذكر له إشارات وعلامات مبهمة تنطبق على الكثير من الناس مما يجعل المريض يأخذ في الظن والتخيل واتهام الأبرياء .. لعله فلان أو فلتان أو علان الأمر الذي يؤدي إلى إثارة الفتن وإشاعة العداوة والكراهية وأحيانا الاقتتال بين أهل البيت الواحد أو الأسرة الواحدة أو بين الجارين اللذين كانت تربطهما المودة والإخاء ، فبكلمة خبيثة من هذا الراقي الدجال أو الجاهل توقد نار الفتنة ويستعر أوارها ولا تخمد حتى تأتي على الأخضر واليابس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا )) متفق عليه .
إن كثيرا من الرقاة هداهم الله لا يلتزمون الضوابط الشرعية للرقية ، بل أخلطوها بالشركيات والبدع والخرافات ، واعتمدوا على المظاهر والتهويلات ، كإطالة اللحية ، والتفنن في الهندام، والهمهمة ببعض المأثورات ، وتلاوة بعض الآيات التي تتعلق بمخاطبة الجن والعفاريت حتى يوهموا المسترقي بأنهم من المهرة الذين لا يشق لهم غبار في هذا الميدان ، وعليه فقد اختلط الحابل بالنابل والراقي بالدجال والعالم بالجاهل ، وبدل أن تكون الرقية راحة للعباد وشفاء لهم من أدوائهم النفسية والجسدية أصبحت سببا لمتاعبهم وشقائهم ، وهدما لعقائدهم وفسادا لأخلاقهم ، وانتهاكا لأعراضهم ، فكم من أرحام قطعت وأسر شتتت ، وحرمات انتهكت بل وأرواح أزهقت ، جراء ما يقوله ويفعله الرقاة الجهلة من الدجالين والمشعوذين الذين يدعون معالجة الممسوسين والمسحورين .
ولعل أحدا يعترض ويقول: أليست الرقية جائزة وأدلتها الشرعية جلية وثابتة ؟ فنقول: نعم إن أدلة الرقية الشرعية ثابتة وصحيحة ولكن غير الصحيح ولا الثابت هو خلطها بالدجل والشعوذة ، واستغلال هموم الناس والتلاعب بعواطفهم ، وغير الصحيح ولا الشرعي هو ظاهرة احترافية الرقية واتخاذها مهنة ووسيلة للارتزاق من قبل البعض كمن يشهر نفسه في وسائل الإعلام المختلفة وبتوزيع البطاقات ويعلن : ( إلى كل من يعاني من الأمراض الروحانية المختلفة ، مس من الجن ، أو سحر أو عين ، أمراض العـقم العجز الجنسي ، الربط والعقد ، العنوسة ، عدم الإنجاب ، الحظ التعس ... تعالوا إلى الدواء الشافي والعلاج الكافي عند فلان الهاتف ، العنوان ....)
والأغرب من هذا عندما أصبحت الرقية بالهاتف وعن طريق الإنترنت, فمن يقول أن هذا السلوك يمتّ إلى الشرع بأدنى صلة ؟ إن الحقيقة التي ينبغي أن يعلمها الجميع أن هذا التصرف لا يجوز شرعا وأنه تحايل ودجل سافر ، وليعلموا أيضا أنه يجوز لكل مسلم أن يرقي نفسه أو يرقي غيره إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، والمرأة ترقي نفسها أو أختها أو زوجها ، وكل ما كان العبد ملتزما أوامر الله مجتنبا نواهيه كانت رقيته نافعة ومؤثرة بإذن الله تعالى ، وأن كل من نصّب نفسه راقيا محترفا يشهر نفسه ويزكيها فهو إما دجال مشعوذ وانتهازي نصاب ، وإما جاهل بالشرع ذو عقل مريض وفكر خرافي متخلف ، وبالتالي فهو أحق الناس وأحوجهم إلى الرقية مما يعانيه من أمراضه السلوكية والنفسية ، ودليلنا على ذلك : الذي يؤلم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا ، ثم قل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر )) مسلم. وفي حديث آخر : ((ما من مسلم يزور مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا شفاه الله من ذلك المرض )) الترمذي .
وأما ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رقاهم فقد لجئوا إليه لشرفه ومكانته عند الله ، وأما الصحابة فلا يعرف عن أحدهم أنه كان يتخذ الرقية مهنة ولا حرفة ، فهم رهبان بالليل فرسان بالنهار، أو في أعمالهم المختلفة ، منهم الفلاح والنجار والحداد ..الخ ، فهذا
أن مهنة احتراف الرقية لم يكن أمرا معروفا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال : (( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد )) متفق عليه ، بل كان هديه خلاف ذلك ، فحين أتاه عثمان بن أبي العاص شاكيا من مرض ألم به قال له : ((ضع يدك على الذي يؤلم من جسدك وقل : بسم الله ثلاثا, ثم قل سبع مرات :أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر . )) وهذا ابن مسعود رضي الله عنه حين قالت له زوجته : إن عيني تقذف ، فكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيها وكان إذا رقاها سكنت فقال لها: ذلك الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقيتها كف عنها ، إنما يكفيك أن تقولي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما )) البخاري .
ولعل أحدا يحتج برقية أبي سعيد للديغ فهذا العمل لم يكن منه حرفة، وإنما اجتهد فأصاب , بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : وما أدراك أنها رقية ؟ .. إذا نستخلص من هذه الآثار ما يرشدنا ويوجهنا إلى أن المسلم عليه أن يحسن الضن بالله ويرقي نفسه بنفسه ، وأن أي تهويل أو تخويف أو إثارة للمسترقي يعد دجلا وشعوذة ، وأن الرقية ليست حكرا على أحد بعينه ، فهذا هو المشروع وهذا هو الحق ، وماذا بعد الحق إلا الضلال .ولا يفوتني في النهاية أن أذكّر بأن ظاهرة الرقاة المرتزقة من الدجالين والمشعوذين خطر كبير على الدين والعقيدة والسلوك والأخلاق ، ينبغي التصدي لها بجهود كل الغيورين والمخلصين من أبناء هذه الأمة ، كما لا يفوتني أيضا أن أنصح كل المسلمين على اختلاف مستوياتهم أن يحسنوا صلتهم بالله ويقووا إيمانهم ويرسخوا عقيدتهم ويتعرفوا إلى الله في الرخاء حتى يعرفهم في الشدائد ، وأن يتركوا الوساوس والأوهام والظنون والشكوك المتعلقة بالسحر والجن ، لأن عواقبها وخيمة وتؤدي إلى ما لا يحمد عقباه ، وأن لا يقصدوا العرافين والمدعين لعلم الغيب ، وأدعياء الرقية من المرتزقة والانتهازيين ، قال صلى الله عليه وسلم : (( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد )) أحمد والحاكم
الخطوات العملية في الرقية الشرعية
1ـ أن تطمئن المريض، وتحاول أن تريحه من متاعبه الجسدية والنفسية، وتبعث فيه الأمل والتفاؤل، وأن الفرج قريب، والهم سيزول، وأن مع العسر يسرا ، وتأمره بتقوى الله(( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)) الطلاق2/3
إن طمأنة المريض لها دور عظيم ومؤثر في نفسيته ورفع معنوياته، ولعلها نصف الرقية أو أكثر من ذلك .
2 ـ ابدأ معه الرقية الشرعية مباشرة دون ( رقية الاكتشاف ) كما يدعي بعضهم، ولا تلفت انتباهه إلى المس الشيطاني أو السحر أو العين، حتى لو تبين لك فيه بعض العلامات التي تدل على ذلك ، لأن هذا العمل لم يثبت به دليل شرعي إضافة إلى أنه يزيد من وهم المريض ومعاناته واتهامه للأبرياء ، فإذا زال الألم والمعاناة فالحمد لله على التوفيق، و إلا كررنا الرقية الشرعية .
3 ـ لا تلتفت إلى تهويلات الرقاة الذين لا هم لهم إلا صرع المرضى وضربهم
ومخاطبـة الشيـاطين(*) وتلقي الأوامر والنواهي منهم ، فلم يثبت بذلك دليل على النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعـل ذلك ، إلا قوله للشيطان : (( أخرج عدوّ الله ))(1) ؛ فلا حاوره ولا سأله ولا انتـظـر منه جوابا ، بل نهى عن ذلك بقوله لأبي هريرة رضي الله عنه : (( صدقك وهو كذوب )) رواه البخاري .
4 ـ إن أفضل نموذج للرقية أن يضع الراقي يده على محل الألم ـ إذا لم يكن هناك مانع شرعي ـ ثم يقرأ الرقية التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك المرض ، أو يقرأ الرقية على كفّيه أو في ماء ونحوه ، ثم ينفث عقب القراءة نفثا خاليا من الريق ويمسح بكفّيه على المَرْقِيِّ ـ إن لم يكن هناك مانع شرعي ـ فقد ورد في الموطأ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : (( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، فلما اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيمينه رجاء بركتها ))(1).
5 ـ أما القراءة فينبغي أن تكون بتأن مع حضور القلب وبين الجهر السر ، على الوجه التالي :
*ـ من القرآن : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم .
تقرأ الفاتحة وآية الكرسي والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة .
ثم تـقرأ سورة الإخـلاص ( قل هو الله أحد ..) والمعوذتين ( قل
أعوذ برب الفلق ..) ( قل أعوذ برب الناس ..) .
*ـ من السنة : ـ ( بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس وعين
حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك )(2).
ـ ( أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامّة )(3).
ـ ( أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ـ سبع مرات ـ )(4)
ـ ( اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء
لا يغادر سقما )(1).
ـ ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق )(2).
ـ ( أعوذ بكلمات الله التـامات من غـضبه وعـقابه وشر عباده ومن همـزات الشياطين وأن يحضرون )(3).
( وهذه التعوذات والدعوات والرقى يعالج بها من السحر والعين ومس الجان وجميع الأمراض فإنها رقى جامعة نافعة بإذن الله تعالى )(4).
كيف تعرف الراقي بأنه دجال مشعوذ أو جاهل بالشرع
إذا قدّر الله بشيء يستوجب الذهاب عند راق ، فإنك تعرفه إذا كان دجالا أو جاهلا بالشرع عن طريق المظاهر والعلامات التالية :
1ـ إذا كان يختلي بالمرأة الأجنبية في غرفة المعالجة، فهذا أكبر دليل على أنه لا يتورع عن الحرام .
2 ـ إذا كان يصافح النساء الأجنبيات، أو يلمس أو يجس أجسادهن بحجة العلاج ولو من فوق حائل، فلتخرج المرأة من عنده فورا رافضة سلوكه الدنيء، ولتعلم أن الراقي لا يحلّ له ما يحل للطبيب أثناء الكشف والعلاج (*).
3 ـ إذا طلب من المريض اسمه واسم أمه أو أي أثر لمريض غائب بحجة المعالجة ؛ كثوب ، خمار ، قميص ...
4 ـ له وسيط يتكلم عن حالة المريض ويجيب عن أسئلة الراقي المختلفة .. فهذه وأمثالها دجل وشعوذة واحتيال (**).
5 ـ يطلب من المريض أن يغمض عينيه ويتخيّل : من سحره أو عاينه(***)، أو يقول له : استحضر هذا في منامك ..
6 ـ إذا قال لك : أنت مسحور من قبل كذا ، ولفت انتباهك إلى شخص ما ـ قريبا كان أو بعيدا ـ بالاسم أو الأمارة أو الإشارة ، فلا تصدّقه فإنه كاذب وفتان .
7 ـ يخيف المسترقين بالظلام، أو بأصوات مزعجة، أو بآلات ومكبرات صوت، أو نار وبخور ، أو استعراض مهاراته في عالم الجن والسحر والعين ، فهذه وأمثالها ما هي إلا بعض من مظاهر وأعمال الدجالين والمشعوذين .
8 ـ يطلب من المريض إحضار حيوان، أو طير : كشاة مثلا، أو ديك أو حمامة .. فهذه الأمور وأمثالها حرام لأنها تعتبر تقربا للجن ولو لم تذبح في حينها .
9 ـ إذا كان يكتب على جسم المريض شيئا ولو من القرآن ؛ على اليد أو القدم أو على اللباس ، فإنه ضرب من الدجل الذي حرمه الشرع، وبالتالي إهانة للقرآن .
10 ـ يرغم المريض على أكل أو شرب أو شمّ شيء يزعم أنه يساعد على الكشف والعلاج .
11ـ أعطاء المريض تميمة كحجاب يعلّق على الجسد، أو يوضع في مكان ما ، أو صرّة، أو أوراق تحرق، فهذه كلها حرام، والأدلة على ذلك سبق ذكرها .
12 ـ إذا أخرج لك شيئا من عنده كصرة أو علبة أو مغلّف يزعم أنه سحر ، وأراك محتوياتها ، أو قال لك تجده في مكان كذا ؛ كالعتبة أو المقبرة فلا تصدقه فقد يكون إما من عمل الشيطان أو يكون هو الذي هيّئها وأمر بوضعها هناك .
13ـ إذا كان يدعي إجراء عمليات جراحية، دون تخدير ولا ألم ولا أثر، أو له فريق من الأطباء الجن يقومون بهذه الأعمال ، فإنه أكبر دليل على أنه نصاب محتال ومشعوذ دجال .
14ـ قد يتظاهر بعض الرقاة الدجالين أنه لا يأخذ أجرة على رقيته، إلا أنه يأخذها أضعافا مضاعفة من إرغامه للمسترقي شراء ما عنده من أعشاب وزيوت وحبوب.
15 ـ يبيع أو يعطي مجانا شرائط مسجلة بصوته أو صوت غيره، فيها آيات قرآنية مخصصة، يطلب من المريض سماعها كرقية لعدة ساعات، أو أيام أو أشهر ، فهذه بدعة لا علاقة لها بالرقية الشرعية(*).
16 ـ توجيه المريض إلى مشعوذ آخر من زملائه، بعدما يرى أن حيله معه قد نفدت، مدّعيا أن زميله أكثر اختصاصا ودراية بشأن هذا النوع من المرض .
17 ـ يضرب المـريض ضربا موجعا، أو يكويه بالنار بحجة العلاج واستخراج الجن فهـذه ضروب من الدجـل والشعـوذة ما أنـزل الله بها من سلطان ، قال رسول الله : (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ ))(1) رواه مسلم عن عائشة ض ((
وما يفعله كثير مـن الناس من ضرب أو خـنق أو كيّ وإسراف في استخدام ذلك يخرجـون بذلك عن الشـرع الذي جاء ، ولو كان الضرب هو المؤثر لكـان النبي يأمر من يجلد المصروع لا من يرقيه ))(2).بدع المعالجين بالقرآن .
18 ـ إن المظهر لا يغني عن الجوهر ، فلا يغرّنّك من الراقي أنه لا يأخذ أجرة أو يتظاهر بالورع والتقوى بكلامه أو حركاته أو شكله أو هندامه ؛ كمن يطيل لحيته ، أو يقصّر قميصه، أو يضع مصحفا قريبا منه ... فهذه المظاهر وما شابهها لا علاقة لها بما كنت قد ذكرت لك من مخالفات شرعية ،فالحيطة ضرورية والحذر واجب خاصة بعد ما حدث الذي حدث ، قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم النساء 71 .وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم)) : لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين.( 3) ((
. هذا ما تيسر لي جمعه وذكره في هذا الموضوع فأسأل الله لي ولكم علما نافعا، ورزقا واسعا، وعملا متقبلا وشفاء من كل داء ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
( الشيخ محمد مناعي )
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
لقد ظهر في الآونة الأخيرة أناس يدعون العلاج بالرقية واتخذوها مهنة وحرفة للإرتزاق
حتى غدت لهم أماكن ومقار بل وعيادات يؤمها خلق كثير من الموهومين والموسوسين وضعفاء الإيمان ، فقويت شوكتهم وذاع صيتهم بنشر الدجل والشعوذة والافتراء على الله جهارا نهارا ، يتم هذا كله تحت غطاء الدين والقرآن وباسم الرقية الشرعية ، وهم في حقيقتهم يلبسون على السذج والبسطاء ويوهمونهم بإزالة السحر وإخراج الجن ، ويأخذون مقابل هذا الإفك والزور ما لا يأخذه الطبيب المختص الذي أفنى عمره في أعرق المعاهد والكليات العالمية ، فلا تعجب إذا رأيت أحدهم يقود سيارة فخمة من أحدث طراز أو يسكن منزلا لا يحلم به أكبر مهندس معماري ... قال تعالى : (( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون )) البقرة 79 .
إن طوائف الرقاة المتواجدين بين الناس يمكن أن نصنفهم إلى ثلاثة أصناف : ـ دجال محترف ومشعوذ مرتزق همه ملء جيبه وتحقيق مآربه لا تهمه عقيدة هدمت ولا أعراض انتهكت ولا أموال بالباطل أكلت . ـ راق جاهل بالشرع ، ذي زاد ضحل يدّعي حسن النية ومنفعة الناس ، ضره أقرب من نفعه وفساده أكثر من صلاحه .
ـ راق متمسك بالضوابط الشرعية يرقي ابتغاء مرضاة الله لا يقصد مالا ولا شهرة ، وهم القلة مع الأسف الشديد .
ومما يمتاز به الفريقان الأول والثاني، المبالغة والتهويل واختلاق الأخبار الملفقة عن الجن والسحر والعين ، كمن يدعي مثلا أن الجن تكشف له عن الأمراض وتصف له العلاج ، أو يقول للمريض أنت مسحور أو معيون من قبل فلان أوعلان ، ويذكر له إشارات وعلامات مبهمة تنطبق على الكثير من الناس مما يجعل المريض يأخذ في الظن والتخيل واتهام الأبرياء .. لعله فلان أو فلتان أو علان الأمر الذي يؤدي إلى إثارة الفتن وإشاعة العداوة والكراهية وأحيانا الاقتتال بين أهل البيت الواحد أو الأسرة الواحدة أو بين الجارين اللذين كانت تربطهما المودة والإخاء ، فبكلمة خبيثة من هذا الراقي الدجال أو الجاهل توقد نار الفتنة ويستعر أوارها ولا تخمد حتى تأتي على الأخضر واليابس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها في النار سبعين خريفا )) متفق عليه .
إن كثيرا من الرقاة هداهم الله لا يلتزمون الضوابط الشرعية للرقية ، بل أخلطوها بالشركيات والبدع والخرافات ، واعتمدوا على المظاهر والتهويلات ، كإطالة اللحية ، والتفنن في الهندام، والهمهمة ببعض المأثورات ، وتلاوة بعض الآيات التي تتعلق بمخاطبة الجن والعفاريت حتى يوهموا المسترقي بأنهم من المهرة الذين لا يشق لهم غبار في هذا الميدان ، وعليه فقد اختلط الحابل بالنابل والراقي بالدجال والعالم بالجاهل ، وبدل أن تكون الرقية راحة للعباد وشفاء لهم من أدوائهم النفسية والجسدية أصبحت سببا لمتاعبهم وشقائهم ، وهدما لعقائدهم وفسادا لأخلاقهم ، وانتهاكا لأعراضهم ، فكم من أرحام قطعت وأسر شتتت ، وحرمات انتهكت بل وأرواح أزهقت ، جراء ما يقوله ويفعله الرقاة الجهلة من الدجالين والمشعوذين الذين يدعون معالجة الممسوسين والمسحورين .
ولعل أحدا يعترض ويقول: أليست الرقية جائزة وأدلتها الشرعية جلية وثابتة ؟ فنقول: نعم إن أدلة الرقية الشرعية ثابتة وصحيحة ولكن غير الصحيح ولا الثابت هو خلطها بالدجل والشعوذة ، واستغلال هموم الناس والتلاعب بعواطفهم ، وغير الصحيح ولا الشرعي هو ظاهرة احترافية الرقية واتخاذها مهنة ووسيلة للارتزاق من قبل البعض كمن يشهر نفسه في وسائل الإعلام المختلفة وبتوزيع البطاقات ويعلن : ( إلى كل من يعاني من الأمراض الروحانية المختلفة ، مس من الجن ، أو سحر أو عين ، أمراض العـقم العجز الجنسي ، الربط والعقد ، العنوسة ، عدم الإنجاب ، الحظ التعس ... تعالوا إلى الدواء الشافي والعلاج الكافي عند فلان الهاتف ، العنوان ....)
والأغرب من هذا عندما أصبحت الرقية بالهاتف وعن طريق الإنترنت, فمن يقول أن هذا السلوك يمتّ إلى الشرع بأدنى صلة ؟ إن الحقيقة التي ينبغي أن يعلمها الجميع أن هذا التصرف لا يجوز شرعا وأنه تحايل ودجل سافر ، وليعلموا أيضا أنه يجوز لكل مسلم أن يرقي نفسه أو يرقي غيره إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، والمرأة ترقي نفسها أو أختها أو زوجها ، وكل ما كان العبد ملتزما أوامر الله مجتنبا نواهيه كانت رقيته نافعة ومؤثرة بإذن الله تعالى ، وأن كل من نصّب نفسه راقيا محترفا يشهر نفسه ويزكيها فهو إما دجال مشعوذ وانتهازي نصاب ، وإما جاهل بالشرع ذو عقل مريض وفكر خرافي متخلف ، وبالتالي فهو أحق الناس وأحوجهم إلى الرقية مما يعانيه من أمراضه السلوكية والنفسية ، ودليلنا على ذلك : الذي يؤلم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا ، ثم قل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر )) مسلم. وفي حديث آخر : ((ما من مسلم يزور مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا شفاه الله من ذلك المرض )) الترمذي .
وأما ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن رقاهم فقد لجئوا إليه لشرفه ومكانته عند الله ، وأما الصحابة فلا يعرف عن أحدهم أنه كان يتخذ الرقية مهنة ولا حرفة ، فهم رهبان بالليل فرسان بالنهار، أو في أعمالهم المختلفة ، منهم الفلاح والنجار والحداد ..الخ ، فهذا
أن مهنة احتراف الرقية لم يكن أمرا معروفا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال : (( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد )) متفق عليه ، بل كان هديه خلاف ذلك ، فحين أتاه عثمان بن أبي العاص شاكيا من مرض ألم به قال له : ((ضع يدك على الذي يؤلم من جسدك وقل : بسم الله ثلاثا, ثم قل سبع مرات :أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر . )) وهذا ابن مسعود رضي الله عنه حين قالت له زوجته : إن عيني تقذف ، فكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيها وكان إذا رقاها سكنت فقال لها: ذلك الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقيتها كف عنها ، إنما يكفيك أن تقولي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما )) البخاري .
ولعل أحدا يحتج برقية أبي سعيد للديغ فهذا العمل لم يكن منه حرفة، وإنما اجتهد فأصاب , بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : وما أدراك أنها رقية ؟ .. إذا نستخلص من هذه الآثار ما يرشدنا ويوجهنا إلى أن المسلم عليه أن يحسن الضن بالله ويرقي نفسه بنفسه ، وأن أي تهويل أو تخويف أو إثارة للمسترقي يعد دجلا وشعوذة ، وأن الرقية ليست حكرا على أحد بعينه ، فهذا هو المشروع وهذا هو الحق ، وماذا بعد الحق إلا الضلال .ولا يفوتني في النهاية أن أذكّر بأن ظاهرة الرقاة المرتزقة من الدجالين والمشعوذين خطر كبير على الدين والعقيدة والسلوك والأخلاق ، ينبغي التصدي لها بجهود كل الغيورين والمخلصين من أبناء هذه الأمة ، كما لا يفوتني أيضا أن أنصح كل المسلمين على اختلاف مستوياتهم أن يحسنوا صلتهم بالله ويقووا إيمانهم ويرسخوا عقيدتهم ويتعرفوا إلى الله في الرخاء حتى يعرفهم في الشدائد ، وأن يتركوا الوساوس والأوهام والظنون والشكوك المتعلقة بالسحر والجن ، لأن عواقبها وخيمة وتؤدي إلى ما لا يحمد عقباه ، وأن لا يقصدوا العرافين والمدعين لعلم الغيب ، وأدعياء الرقية من المرتزقة والانتهازيين ، قال صلى الله عليه وسلم : (( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد )) أحمد والحاكم
الخطوات العملية في الرقية الشرعية
1ـ أن تطمئن المريض، وتحاول أن تريحه من متاعبه الجسدية والنفسية، وتبعث فيه الأمل والتفاؤل، وأن الفرج قريب، والهم سيزول، وأن مع العسر يسرا ، وتأمره بتقوى الله(( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)) الطلاق2/3
إن طمأنة المريض لها دور عظيم ومؤثر في نفسيته ورفع معنوياته، ولعلها نصف الرقية أو أكثر من ذلك .
2 ـ ابدأ معه الرقية الشرعية مباشرة دون ( رقية الاكتشاف ) كما يدعي بعضهم، ولا تلفت انتباهه إلى المس الشيطاني أو السحر أو العين، حتى لو تبين لك فيه بعض العلامات التي تدل على ذلك ، لأن هذا العمل لم يثبت به دليل شرعي إضافة إلى أنه يزيد من وهم المريض ومعاناته واتهامه للأبرياء ، فإذا زال الألم والمعاناة فالحمد لله على التوفيق، و إلا كررنا الرقية الشرعية .
3 ـ لا تلتفت إلى تهويلات الرقاة الذين لا هم لهم إلا صرع المرضى وضربهم
ومخاطبـة الشيـاطين(*) وتلقي الأوامر والنواهي منهم ، فلم يثبت بذلك دليل على النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعـل ذلك ، إلا قوله للشيطان : (( أخرج عدوّ الله ))(1) ؛ فلا حاوره ولا سأله ولا انتـظـر منه جوابا ، بل نهى عن ذلك بقوله لأبي هريرة رضي الله عنه : (( صدقك وهو كذوب )) رواه البخاري .
4 ـ إن أفضل نموذج للرقية أن يضع الراقي يده على محل الألم ـ إذا لم يكن هناك مانع شرعي ـ ثم يقرأ الرقية التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك المرض ، أو يقرأ الرقية على كفّيه أو في ماء ونحوه ، ثم ينفث عقب القراءة نفثا خاليا من الريق ويمسح بكفّيه على المَرْقِيِّ ـ إن لم يكن هناك مانع شرعي ـ فقد ورد في الموطأ عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : (( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، فلما اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيمينه رجاء بركتها ))(1).
5 ـ أما القراءة فينبغي أن تكون بتأن مع حضور القلب وبين الجهر السر ، على الوجه التالي :
*ـ من القرآن : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم .
تقرأ الفاتحة وآية الكرسي والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة .
ثم تـقرأ سورة الإخـلاص ( قل هو الله أحد ..) والمعوذتين ( قل
أعوذ برب الفلق ..) ( قل أعوذ برب الناس ..) .
*ـ من السنة : ـ ( بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس وعين
حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك )(2).
ـ ( أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامّة )(3).
ـ ( أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ـ سبع مرات ـ )(4)
ـ ( اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء
لا يغادر سقما )(1).
ـ ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق )(2).
ـ ( أعوذ بكلمات الله التـامات من غـضبه وعـقابه وشر عباده ومن همـزات الشياطين وأن يحضرون )(3).
( وهذه التعوذات والدعوات والرقى يعالج بها من السحر والعين ومس الجان وجميع الأمراض فإنها رقى جامعة نافعة بإذن الله تعالى )(4).
كيف تعرف الراقي بأنه دجال مشعوذ أو جاهل بالشرع
إذا قدّر الله بشيء يستوجب الذهاب عند راق ، فإنك تعرفه إذا كان دجالا أو جاهلا بالشرع عن طريق المظاهر والعلامات التالية :
1ـ إذا كان يختلي بالمرأة الأجنبية في غرفة المعالجة، فهذا أكبر دليل على أنه لا يتورع عن الحرام .
2 ـ إذا كان يصافح النساء الأجنبيات، أو يلمس أو يجس أجسادهن بحجة العلاج ولو من فوق حائل، فلتخرج المرأة من عنده فورا رافضة سلوكه الدنيء، ولتعلم أن الراقي لا يحلّ له ما يحل للطبيب أثناء الكشف والعلاج (*).
3 ـ إذا طلب من المريض اسمه واسم أمه أو أي أثر لمريض غائب بحجة المعالجة ؛ كثوب ، خمار ، قميص ...
4 ـ له وسيط يتكلم عن حالة المريض ويجيب عن أسئلة الراقي المختلفة .. فهذه وأمثالها دجل وشعوذة واحتيال (**).
5 ـ يطلب من المريض أن يغمض عينيه ويتخيّل : من سحره أو عاينه(***)، أو يقول له : استحضر هذا في منامك ..
6 ـ إذا قال لك : أنت مسحور من قبل كذا ، ولفت انتباهك إلى شخص ما ـ قريبا كان أو بعيدا ـ بالاسم أو الأمارة أو الإشارة ، فلا تصدّقه فإنه كاذب وفتان .
7 ـ يخيف المسترقين بالظلام، أو بأصوات مزعجة، أو بآلات ومكبرات صوت، أو نار وبخور ، أو استعراض مهاراته في عالم الجن والسحر والعين ، فهذه وأمثالها ما هي إلا بعض من مظاهر وأعمال الدجالين والمشعوذين .
8 ـ يطلب من المريض إحضار حيوان، أو طير : كشاة مثلا، أو ديك أو حمامة .. فهذه الأمور وأمثالها حرام لأنها تعتبر تقربا للجن ولو لم تذبح في حينها .
9 ـ إذا كان يكتب على جسم المريض شيئا ولو من القرآن ؛ على اليد أو القدم أو على اللباس ، فإنه ضرب من الدجل الذي حرمه الشرع، وبالتالي إهانة للقرآن .
10 ـ يرغم المريض على أكل أو شرب أو شمّ شيء يزعم أنه يساعد على الكشف والعلاج .
11ـ أعطاء المريض تميمة كحجاب يعلّق على الجسد، أو يوضع في مكان ما ، أو صرّة، أو أوراق تحرق، فهذه كلها حرام، والأدلة على ذلك سبق ذكرها .
12 ـ إذا أخرج لك شيئا من عنده كصرة أو علبة أو مغلّف يزعم أنه سحر ، وأراك محتوياتها ، أو قال لك تجده في مكان كذا ؛ كالعتبة أو المقبرة فلا تصدقه فقد يكون إما من عمل الشيطان أو يكون هو الذي هيّئها وأمر بوضعها هناك .
13ـ إذا كان يدعي إجراء عمليات جراحية، دون تخدير ولا ألم ولا أثر، أو له فريق من الأطباء الجن يقومون بهذه الأعمال ، فإنه أكبر دليل على أنه نصاب محتال ومشعوذ دجال .
14ـ قد يتظاهر بعض الرقاة الدجالين أنه لا يأخذ أجرة على رقيته، إلا أنه يأخذها أضعافا مضاعفة من إرغامه للمسترقي شراء ما عنده من أعشاب وزيوت وحبوب.
15 ـ يبيع أو يعطي مجانا شرائط مسجلة بصوته أو صوت غيره، فيها آيات قرآنية مخصصة، يطلب من المريض سماعها كرقية لعدة ساعات، أو أيام أو أشهر ، فهذه بدعة لا علاقة لها بالرقية الشرعية(*).
16 ـ توجيه المريض إلى مشعوذ آخر من زملائه، بعدما يرى أن حيله معه قد نفدت، مدّعيا أن زميله أكثر اختصاصا ودراية بشأن هذا النوع من المرض .
17 ـ يضرب المـريض ضربا موجعا، أو يكويه بالنار بحجة العلاج واستخراج الجن فهـذه ضروب من الدجـل والشعـوذة ما أنـزل الله بها من سلطان ، قال رسول الله : (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ ))(1) رواه مسلم عن عائشة ض ((
وما يفعله كثير مـن الناس من ضرب أو خـنق أو كيّ وإسراف في استخدام ذلك يخرجـون بذلك عن الشـرع الذي جاء ، ولو كان الضرب هو المؤثر لكـان النبي يأمر من يجلد المصروع لا من يرقيه ))(2).بدع المعالجين بالقرآن .
18 ـ إن المظهر لا يغني عن الجوهر ، فلا يغرّنّك من الراقي أنه لا يأخذ أجرة أو يتظاهر بالورع والتقوى بكلامه أو حركاته أو شكله أو هندامه ؛ كمن يطيل لحيته ، أو يقصّر قميصه، أو يضع مصحفا قريبا منه ... فهذه المظاهر وما شابهها لا علاقة لها بما كنت قد ذكرت لك من مخالفات شرعية ،فالحيطة ضرورية والحذر واجب خاصة بعد ما حدث الذي حدث ، قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم النساء 71 .وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم)) : لا يلدغ المؤمن من حجر مرتين.( 3) ((
. هذا ما تيسر لي جمعه وذكره في هذا الموضوع فأسأل الله لي ولكم علما نافعا، ورزقا واسعا، وعملا متقبلا وشفاء من كل داء ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
( الشيخ محمد مناعي )