السحر العصر وفتوى هيئة كبار العلماء
10-11-2010 10:06 AM
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد و على آله و صحبه و من والاه.
اما بعد، فإن الحديث عن الرقية ذو شجون وقصصه لا تُمل لذا سأتكلم في هذا المقال بحول الله عن الرقية الشرعية ، هذا الميدان الواسع الذي يجهله كثير من الناس, لأن مجتمعاتنا اليوم أصبحت معروفة بفئات من الأشخاص الذين يدعون علم الغيبيات و كذا قراءة الكف و فتح الكتاب و قراءة الفنجان و إذابة الرصاص على النار وتجميده بالماء البارد و قراءة أشكاله بعد ذلك،وعلم الرقية وأنهم يعلمون ما لا يعلم غيرهم , ناهيك عن البرج وتضليله و مفتريات أخرى يعرفها كل بلد حسب ما يروج فيه ,فالرقية بحر خضم كل يخوضه سواء كان بعلم أو بغير علم الجاهل قبل العالم والمتفيقه قبل الفقيه وكل يدعي وصلا لليلى وهي لا تفي لهم بذلك , ولما كثر الكلام حول الرقاة والرقية حتى لُبس الحق بالباطل والباطل بالحق ,فحار الناس في ذلك وكثر المتكلمون في الرقية وهل يوجد جن يتلبسون نتيجة الممارسات الخاطئة قال الشيخ علي بن حسن في كتابه برهان الشرع في إثبات المس والصرع ’’ لما رأى الناس كثيرا من المعالجين والراقين بعضهم يتخذ الرقية مهنة يأكل من ورائها وهذا فيه نظر لأنها خرجت عن حد الشرع والمعقول متكئين على المجربات أو الأحاديث الواهية فجمعوا بسبب ذلك المال وحازوا الشهرة ونالوا الصيت , وهذا الصنيع من المعالجين وذاك التهافت من المدعين أو المصر وعين جعل البعض يتوقف في إثبات أصل المسألة ويتردد فيه ويتلمس الشبهات بها التي يردها بها , غير آبه لقالات العلماء ولا ملتفت لشهاداتهم وأخبارهم ‘‘ انتهى كلام الشيخ ,و يقول الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني : واشتط آخرون ؛ فاستغلوا هذه العقيدة الصحيحة وألحقوا بها ما ليس منها مما غير حقيقتها ، وساعدوا بذلك المنكرين لها … وجعلوها مهنة لهم لأكل أموال الناس بالباطـل ا.هـ ولقد صدق الشيخ تأملوا ما كتبت جريدة الوطن في عددها 992 تاريخ 18 /4/142 عن أحدهم وبالنسبة لقضية المس وتلبس الجني بالإنسي، يقول الحامد "كلنا يؤمن بوجود الجن وبأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أُرسل للثقلين "الإنس والجن"، وهذا الأمر لا خلاف فيه، أما قضية تلبس الجني ودخوله في جسد الإنسي فهذه قضية فيها خلاف، ولا توجد أدلة قطعية وثبوتية من الكتاب والسنة على ذلك، كذلك فإن في القرآن والسنة تحذيرات صريحة ومباشرة من العين والسحر كما ورد في سورة الفلق لم يذكر شيء صريح عن المس وكيفيته، وما ورد في الكتاب والسنة عن الشياطين هو تحذير من غواية الشيطان للمؤمن ولم يرد ما يدل على حدوث التلبس بالمعنى المفهوم لدى الكثيرين .
قلت وآية الربا تدل على التلبس كما قال الله تعالى ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) والسنة تدلت عليه كما في الحديث عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ لَمَّا اسْتَعْمَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الطَّائِفِ جَعَلَ يَعْرِضُ لِي شَيْءٌ فِي صَلاتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ رَحَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَال:َ ابْنُ أَبِي الْعَاصِ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا جَاءَ بِكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَرَضَ لِي شَيْءٌ فِي صَلَوَاتِي حَتَّى مَا أَدْرِي مَا أُصَلِّي قَالَ ذَاكَ الشَّيْطَانُ ادْنُهْ فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَجَلَسْتُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيَّ قَالَ فَضَرَبَ صَدْرِي بِيَدِهِ وَتَفَلَ فِي فَمِي وَقَالَ اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ الْحَقْ بِعَمَلِكَ قَالَ فَقَالَ عُثْمَانُ فَلَعَمْرِي مَا أَحْسِبُهُ خَالَطَنِي بَعْدُ . رواه ابن ماجة في سننه وعند مسلم عن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ قَالَتْ أَصْبِرُ قَالَتْ فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا. رواه مسلم ، وعند البزار عن ابن عباس أنها قالت : إني أخاف الخبيث أن يجردني .
.
.
وهذا يدل على حاجة الناس للرقية وللرقاة وأن الرقية جائزة لا منع فيها إلا ما خالف الكتاب والسنة , لكن لهذا ضوابط وشروط فمن خالفها تُرك ورقيته , والناس مع الرقية لهم موقفان موقف المقر المثبت , وموقف المنكر الراد للرقية فهناك أناس يقفون كالسد المنيع بين المرضى وبين والذهاب إلـى الرقاة ، وكأن هذا المريض سوف يذهب إلـى ساحر أو كاهن أو مشعوذ ، ويدندن بعضهم ويزعمون أنه لا حاجة للمريض لأن يذهب لمن يرقيه ، ويكفي أن يرقي المريض نفسه أو أن ترقيه زوجته والزوج يرقي زوجته والأخ يرقي أخته ، وهذا سوء فهم ونظرة غير صائبة ورأي خاطئ ، فإن الأمراض التي تعتري النفس البشرية ليست بالمتشابهة ، والمرضى ليسو سواء في العمر والعلم والمعرفة , ومن الناس من لا يعرف ما هي الرقية أو ماذا يقرأ ، ومن الناس من لا يقرأ ولا يكتب ولا يحفظ الرقية. ومن الناس من يخشى الجن فضلاً عن حضور الشيطان على جسد المريض . ومن الناس من لا يعرف كيف يتعامل مع الجان إذا حضر . ومن الناس لو قرأ على مريضه لا يحسن التشخيص ولا يعلم من الذي يتحدث معه الجني أم المريض نفسه ، ولا يعلم إذا ما كان المريض مصاب بالمس أو السحر أو العين ، ومعرفة المرض نصف العلاج في الغالب وكثير من الناس لا يعرفون المنهج الذي ينبغي أن يتبعه في علاج المريض، وكيف يعرف الراقي إن لم يكن من أهل الخبرة والتجربة حضور الجان وانصرافه وصدقه من كذبه ؟
, وهذا كله يثبت الحاجة للرقية لكن كما أسلفت بالضوابط ,و نتيجة لكثرة المقبلين على الرقاة والرقية وكثرة من يرقي دون معرفة الراقي الشرعي وطريقة الرقية الشرعية اختلط الحابل بالنابل فأصبح الساحر راقي والمشعوذ راقي والدجال راقي والراغب في التجارة راقي , حتى مدعي علم الغيب أصبح راقيا , أعرف أحد الإخوان كان مريضا ولا يعلم ما به فذهب لأحدهم الذي قرأ عليه بطريقة السحر العصري الجديد التي تقوم على إدعاء علم الغيب كما جاء فتوى عن
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز نائب الرئيس : عبدالعزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ عضو : بكر بن عبد الله أبو زيد عضو : صالح بن فوزان الفوزان
• الفقرة الثانية : مدى صحة تخيل المريض للعائن من جراء القراءة ، أو طلب الراقي من القرين أن يخيل للمريض من أصابه بالعين : الجواب : تخيل المريض للعائن أثناء القراءة عليه وأمر القارئ له بذلك هو عمل شيطاني لا يجوز ، لأنه استعانة بالشياطين ، فهي التي تتخيل له في صورة الإنسي الذي أصابه ، وهذا عمل محرم لأنه استعانة بالشياطين ، ولأنه يسبب العداوة بين الناس ، ويسبب نشر الخوف والرعب بين الناس ، فيدخل في قوله تعالى : " وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ",فذهب لهذا الراقي وقال له تخيل من أعانك وقت الرقية فتخيل أناسا فقال لهم هم الذين أعانوك وليس بك شئ سواهم واستمرت حالته لمدة عشرين سنة وبعدها يرقيه يأتينا لنرقيه فيتبين أن به مسا فيستمر حتى عافاه الله ونكتشف أن الأمر موجود عند أخيه ونفس الراقي قال لأخيه نفس الكلام وهذه الطريقة الآن منتشرة بين أكثر القراء وهم يفتخرون بها وهي طريقة شيطانية بل إن بعض وسائل الإعلام أفردت لها صفحات كثيرة وقدمت بعض أهلها ولا حول ولاقوة إلا بالله ومن الأخطاء التي توجد عند من يدعي الرقية وليس الرقاة الحقيقيون وجود السحرة والشعوذة ويظن الناس أنهم رقاة حقيقيون [/color]فكتبت جريدة الوطن في عدد رقم 992 تاريخ 18 /4/1424 كلام لأحد شيوخ المغرب العربي -ــأحب أن أخبركم أنني في هذا الصيف التقيت وبمحض الصدفة رجل أعمال خليجيا على وشك شراء خادم جني بمبلغ خرافي، حيث أخبره مشعوذ أنه سيشكل الخادم على شكل خنفساء ليتمكن من حمله وأخذه معه في الطائرة، فتصوروا أن يباع خنفس بآلاف الدولارات! أليس هذا منتهى السذاجة والحمق؟! ومن القصص العجيبة كنا يوما في ضيافة أحد الأصدقاء وطلب منا رقية زوجة أخيه الضابط ذي المركز العملي الممتاز وعندما دخلت وجلست إذا بها تفاجئنا بجلسة غريبة محرمة لا تجلسها امرأة مع أجنبي حيث كنا ملتفتين للحديث وهي تريد الجلوس أمامنا فإذا بها تستدير وتأتي إلينا بخلفها وتجلس قرب قدمي لا يفصل بيننا إلا ثلاث سنتيمتر فأمرتها بالابتعاد وعندما سألتها عن سبب جلوسها بهذه الطريقة أخبرني زوجها بأن هناك رجل قرأ عليها بهذه الطريقة ووضعها بين رجليه وأغلقهما عليها !! فقلت سبحان الله أين غيرة الزوج ؟ فقال الحاجة والمرض هما السبب , فهل هانت أعراضنا علينا أيها الإخوة والأخوات , وأذكر في درس لي في كتاب التوحيد ألقيته في دار نسائية لتحفيظ القرآن الكريم وحذرت الحاضرات من السحر وأن النساء الآن ينصحون من تخشى زواج زوجها عليها بسحره فإذا بإحدى الأخوات بعد الدرس تقول زوجي طلقني ومنع أبنائي من زيارتي وحذرهم مني فكيف أستطيع رؤية أبنائي والرجوع لزوجي ؟؟ فسألتها عن سبب الطلاق فقالت لقد عملت له سحرا - نتيجة خوفي من زواجه بثانية – ثلاث مرات فوجده في سريره فطلقني , فقلت لها احمدي الله أنكي لم تموتي حتى الآن فعليك التوبة من السحر
إن ما يقع به بعض الأخوة الرقاة هو التشخيص والقطع به وإفهام المريض من أنه يعاني من سحر أو عين ويقطع به، فيصدقه هذا المريض المسكين لأنه قدم له وهو موقن أنه الراقي رجل يقرأ القرآن ولا يكذب، مع العلم أن المراجعين يعانون من ضغوط نفسية لها من يعالجها بالطب النفسي، فالواجب على هذا الراقي أن لا يقطع بمرض معين، ويوهم المراجع بهذا التشخيص الخاطئ، ومن الرقاة من يوهم المراجع بأن العين أو السحر أصابه من داخل بيته أو من قرابته أو من العاملات داخل البيت وهذا غير صحيح، ووقفت على أسرة تفرق شملها بسبب قارئ قال لهم أن الذي أعان بنتكم خالكم فتستت الأسرة والتشخيص خاطئ ثم يدخل هذا المريض في دوامة هو بغنى عنها ومشاكل أسرية أكبر من المرض الذي يعاني منه، وبدلاً من هذا كله أن يقوم الراقي بدوره كمعالج وناصح لهؤلاء المرضى وإفهامهم أن ما يسمعون وما ينطق به الشياطين على لسان المريض ما هو إلا للخراب وليس للإصلاح، وأن هؤلاء الشياطين يعتدون، والقرآن عدوٌ لهم ولكل أفاك أثيم، مع أن هذا المريض أو مرافقه قدم من مكان بعيد قاصداً هذا الراقي الذي ظهر عليه من مظهره فقط سمات أهل الخير والدين وظن أن هذا الرجل شيخ فاضل، ولا يقول إلا الحق، ولهذا ينخدع المريض بهذا الراقي ويتقبل كل ما يقوله ولا يدري هذا المريض أن هذا الراقي غير موفق بهذا التشخيص، ويقول ما لا يعلم، وهذا رجم بالغيب، فكيف يعلم هذا الراقي بأن هذا المرض سحر أو مس أو عين، وكيف يفرق بين المس والسحر والعين ويقطع به؟ وكيف يعلم هذا الراقي أن هذا العمل من السحر من داخل أسرتك؟ وكيف يقول هذا الراقي بأن هذه العين من داخل بيتك؟ .
قيده عفا الله عنه
إمام وخطيب جامع الشيخ عبد الله الجارالله
سعد بن عبد الله السبر