الطب الحديث ينصح بالعودة إلى الطبيعة
الأعشاب... صيدلية الحياة ... والشفاء من خلالها بشروط
الصحراء صيدلية مفتوحة والبدو أعلم الناس بأسرارها
القاهرة - نادر أبو الفتوح:
رغم التطور الكبير في علم الطب وصناعة الأدوية في العصر الحديث, ومع ذلك تجارب القدماء في مقاومة الأمراض والتمتع بالصحة والتشافي بالنباتات والأعشاب الطبية لا تزال لغزا كبيرا, ويكمن السر في طريقة الاستخدام ولم يستطع العلماء والباحثون حتى الآن معرفة كل الأسرار الخاصة بتلك الأعشاب التي تعد أقدم طريقة عرفها الانسان لمقاومة المرض منذ فجر التاريخ. والاقبال على الأعشاب في الوقت الحالي زاد بشكل كبير ولم يقتصر على المرضى فقط, بل أصبح يطلبها ويستخدمها الكثير من الباحثين عن الصحة بهدف رفع مناعة الجسم للوقاية من الأمراض التي أصبحت تشكل رعبا لدى الناس في معظم دول العالم, وكل ذلك من منطق أن الأعشاب تحقق رغبات الناس في الشفاء وتحمي الجسم من الأمراض اعتمادا على تجارب الكثير من المرضى الذين كانت لهم تجارب ناجحة في استخدام الأعشاب.
الأعشاب مكمن الشفاء
الدكتور أحمد دوح من مركز البحوث الزراعية يتحدث عن الاعشاب فيقول: المؤكد علميا أن كل النباتات والأعشاب الطبية تحتوي على مادة فعالة وتلك المواد تم استخدامها منذ قديم الأزل في علاج الأمراض وكانت لها تأثيرات ايجابية سريعة ولذلك توارث الناس في بعض المناطق طرق العلاج بالأعشاب وكانت ومازالت تعد حرفة يمتهنها البعض وخصوصا في المناطق الصحراوية التي يسكنها البدو, وفي الماضي كانت الاستفادة منها عن طريق امتصاص الجسم لتلك المواد الفعالة الموجودة في الأعشاب عندما يتناولها المريض عن طريق غلي أوراق الأعشاب أو نقعها في الماء, يضيف: أن تلك المواد الفعالة الموجودة في الأعشاب تم استخدامها فيما بعد وعبر التطور في مجال الطب وعلوم الأدوية لتكون تلك المواد مصدرا لغالبية الأدوية الموجودة حاليا عن طريق استخلاص المواد الفعالة في الأعشاب بصورة مركزة على شكل دواء.
ويؤكد أنه في الوقت الحالي ومع انتشار الأمراض نتيجة التلوث الذي أصبح موجودا في كل الأغذية التي يتناولها الانسان وأيضا بسبب تلوث البيئة الزراعية نتيجة استخدام المبيدات في الزراعة, أصبح ضروريا الاعتماد على النباتات الطبيعية وخصوصا التي تنمو بشكل تلقائي في الصحراء دون تدخل الانسان من أجل العلاج لأن الأدوية الحديثة لم تؤد وظيفتها المطلوبة, وتلك الأعشاب غالبا ما توجد في المناطق التي يسكنها البدو ولها تأثير مباشر وفعال في علاج كثير من الأمراض لأنها في الأساس تساعد على رفع مناعة جسم الانسان, لكن طرق استخدام تلك الأعشاب يقتصر على عدد قليل من المتخصصين ممن لهم تجارب عدة وخبرات متراكمة عبر السنين ولذلك فالدراسات أثبتت أن القدامى الموجودين في المناطق الصحراوية وقبائل البدو لديهم سر استخدام كل عشب وكميات الاستخدام ومواعيد تناول تلك الأعشاب, لذلك نجد الاقبال على هؤلاء المتخصصين في الوقت الحالي يتزايد وخصوصا مرضى الكبد والجهاز الهضمي.
التنوع
حول وظيفة الاعشاب يقول: إن الأعشاب لها وظائف كثيرة ومتعددة وكل عشب له العديد من الخواص فبعض الأعشاب تساعد الجسم وتحفزه على مقاومة المرض والبعض الآخر من الأعشاب يهدئ المريض وهذه الانواع تصلح في علاج حالات الاصابة بالأمراض العصبية وتستخدم لعلاج التوتر والقلق وكثرة الانفعال, والبعض الآخر يكمن دوره في اخراج كمية كبيرة من المياه الموجودة في جسم المريض وتخرج عن طريق الجلد وعند تناولها يفرز المريض عرقا كثيرا وهذا له تأثير ايجابي كبير على صحة الانسان, وهناك الأعشاب التي تنقي الدم من السموم, والبعض الأخر له تأثير قوي على الجهاز التنفسي وتأثيرها قوي وسريع في حالات ضيق التنفس, والبعض الآخر منها يستخدم في علاج أمراض الجهاز الهضمي, وهنا تكمن أهمية معرفة تلك الوظائف قبل تحديد نوع العشب الذي يتناوله المريض.
أخطاء في الاستخدام
يقول الدكتور أحمد دوح عن اخطاء الاستخدام: رغم الجوانب الايجابية المتعددة للعلاج بالأعشاب الا أن أهميتها بالنسبة للكثير وعدم الخبرة في استخدامها يفرض علينا توضيح أن هناك بعض الجوانب السلبية التي لابد أن تذكر, وهذه السلبيات لا تتعلق بالأعشاب نفسها بل تتعلق بمن يقدم وصفات العلاج بها لأنه قد لا يكون مدركا لظروف المريض الذي يعالجه فقد تصلح الأعشاب في علاج نفس المرض لمريض آخر وتضر مريض آخر يعاني نفس المرض بسبب أن لديه مشاكل صحية أخرى, وتلك الحالات منتشرة جدا وهنا تكمن ضرورة معرفة طبيعة المريض والبيئة المحيطة به, أيضا من الجوانب السلبية قيام البعض من غير المتخصصين في القنوات الفضائية بتضليل المرضى بحثا عن الشهرة فيقدمون وصفات وخلطات غير سليمة وليست مناسبة لمن يتناولها, ولذلك ننصح كل من يحاول العلاج بالأعشاب أن يحصل على معلوماته من متخصصين في استخدامها, وعليه أن يبتعد تماما عن وصفات الفضائيات أو ما يكتب على شبكة الانترنت كما أن تخزين الأعشاب بطريقة غير صحيحة يؤدي لمشاكل كثيرة لمن يستخدمها, فالتخزين يساعد على نمو الفطريات وهذا يؤثر سلبا على من يتناول تلك الأعشاب ويصيبه بالعديد من الأمراض, وكذلك لابد أن تكون هناك ضوابط في استخدام الأعشاب وخصوصا بالنسبة لأصحاب الأمراض المتعددة حتى لا تحدث لهم تأثيرات سلبية, وأيضا بالنسبة للمرأة الحامل التي تتناول بعض الأعشاب قد يؤثر هذا على حالة الجنين وحالتها الصحية لو استخدمت الأعشاب بشكل عشوائي.
الصحراء صيدلية الطبيعة
أما الدكتور فتحي حسن يقول: البيئة الصحراوية أصبحت في الوقت الحالي مقصدا للمرضى الذين يبحثون عن الشفاء لوجود الأعشاب والنباتات الطبية التي ليس لها مثيل في أي مكان آخر, لأن من المؤكد أن العلاج بالأعشاب واقع وحقيقة من تجارب العديد من المرضى, وقد كان الانسان البدائي يستخدم تلك الأعشاب قديما وفي العصور المختلفة استخدمت الأعشاب التي كانت ومازالت أقدم طرق العلاج وأكثرها فاعلية, كما أن الانسان في الوقت الحالي وجد جوانب سلبية كثيرة في الأدوية الحديثة التي قد تشمل أحيانا على تركيبات معملية غير سليمة تؤدي لمشاكل صحية كثيرة, والقول ان البيئة الصحراوية أصبحت ملاذاً لملايين المرضى الذين يطلبون الشفاء ليست وهما, لأن الكثير من الأطباء في الوقت الحالي ينصحون بعض المرضى بالذهاب للصحراء والعيش لفترة محددة هناك, وهذا الأمر مازال موجودا في الكثير من المناطق الريفية ويمارسه الكثير من المرضى.
خصائص الأعشاب
يضيف الدكتور فتحي حسن أن كل عشب له خصائص معينة ويحتوي على مواد فعالة تعالج مرضا معينا.. فالصبار مثلا مفيد لصحة الانسان ويرفع مناعة الجسم ومضاد للفيروسات وهذا النبات يعد في متناول الجميع ومازالت بعض الأسر وخصوصا في الريف تزرعه داخل المنزل.
الزنجبيل مفيد جدا ايضاً للصحة ويساعد في رفع للمناعة خصوصا في حالة الاصابة بالتهاب الحلق ولكنه في بعض الحالات يكون غير مناسب لبعض المرضى وتحديدا المصابين باضطراب المعدة, كذلك فان الشاي الأخضر مضاد للأكسدة وبذور الجريب فروت تعتبر مضادا حيويا ومضادا للفيروسات, وثبت بشكل كبير أن عيش الغراب مفيد جدا للجسم ومقو للمناعة لكنه لا يناسب المرضى المصابين بالالتهابات الفطرية.
الثوم مفيد جدا وله دور كبير في رفع كفاءة الجهاز المناعي للجسم وتنشيط الجسم بشكل عام ويقاوم الاجهاد, لكن يفضل تناول معلقتين من عسل النحل للتخلص من رائحة الثوم غير المستحبة, أيضا يستخدم النعناع لاكساب الجسم النشاط والحيوية والطاقة التي تجعله قادرا على بذل المجهود ولذلك ينصح بتناول أوراق النعناع المغلي ويتم تناوله على مدار اليوم عدة مرات.
وثبت أن الكرفس له دور كبير في علاج ضعف الأعصاب وخصوصا لدى السيدات وله فاعلية كبيرة اذا تم تناوله كل يوم صباحا لمدة عدة أشهر,كما أن أوراق زهرة البنفسج لها مفعول كبير في تخفيف حدة التوتر ويتم تناولها بعد غلي الأوراق ومزجها بالعسل أو السكر أكثر من مرة في اليوم وثبت أن ذلك يزيل كل الأعراض العصبية ويساعد كثيرا على التخلص من خفقان القلب.
القرفة لها فوائد كثيرة ومتنوعة ولا يقتصر تأثيرها على رائحتها الجيدة فقط أيضا مذاقها الجيد وتتمتع بخصائص منشطة ومرطبة كما أنها نموذجية وفعالة, أما القرنفل فان زيته العطري يوصف لعلاج حالات الأزمات فهو مهدئ طبيعي يساعد على النوم والاسترخاء وتسكين الألم.
الأنواع
الدكتور وجيه المالكي أستاذ علوم الأغذية بالهيئة العامة للرقابة والبحوث الدوائية تحدث عن انواع الاعشاب يقول: العلاج بالأعشاب أثبت كفاءة كبيرة في شفاء العديد من الأمراض وتتميز الأعشاب على الأدوية بانخفاض آثارها الجانبية لأن الأدوية الحديثة تتكون من مركبات كيميائية لها آثار جانبية عند تناولها, الأمر الذي جعل الكثير من دول العالم تقدم على استخدام الأعشاب رغم تقدم تلك الدول في مجال الطب وصناعة الأدوية.
وفي ظل انتشار الأمراض بشكل كبير نتيجة للتلوث وعدم اتباع النظم الغذائية السليمة ظهرت أهمية وضرورة العودة للطبيعة في تقوية الجهاز المناعي لجسم الانسان حتى لا يكون عرضة للمرض, وتحقيق ذلك يكون عن طريق الأعشاب التي بالقطع لها مفعول قوي ومباشر في تقوية جهاز المناعة عند الانسان, وتحدث تأثيرات ايجابية بشكل سريع ما يجعل الناس يقبلون عليها بناء على تجارب المرضى الذين تطورت حالتهم الصحية بشكل كبير بعد تناول الأعشاب, لكن لابد من التعرف على أنواع وتأثيرات الأعشاب عند العلاج وذلك بهدف تحديد العشب الذي يناسب حالة المريض ومن هذه الأنواع مثلاً الأعشاب التي تتميز بمذاقها المر مثل نبات عشبة رعي الحمام, نبات الأقحوان وبات البابونج وهذه النباتات تستخدم في علاج أمراض الجهاز الهضمي لأنها تنشط وظائف الكبد وينصح باستخدامها بدون تحلية لأنها تسهل الهضم.. كما ان هناك نوعاً آخر من الأعشاب يسمى "المواد الدابغة" مثل نبات ذيل الخيل وهذه الأعشاب تعد مضادة للميكروبات وتستخدم في علاج الحروق واصابات العيون والجهاز التناسلي.. أيضا هناك نوع آخر يسمى " لصابونيات" مثل نبات كستناء الحصان والأقحوان والعرقسوس وزهور الليمون وهذه الأعشاب تستخدم في علاج أمراض الجهاز التنفسي وتأثيرها ملين وملطف..
نوع آخر من الأعشاب يسمى "أشباه القلويات" مثل نبات الحمحم والعشب الأوراسي وتستخدم تلك النباتات في علاج أمراض الجهاز العصبي.. أيضا هناك "الهلاميات" مثل نبات الميولين ونبات العشب الأوراسي وهذه الأعشاب لها تأثير كبير على الجلد والأغشية المخاطية وتستخدم لتسكين الألم.. كذلك هناك "الزيوت الطيارة" مثل الثوم والزنجبيل والنعناع والزعتر وهذه الأعشاب لها تأثير على الجهاز الهضمي والجهاز العصبي كما أنها طاردة للبلغم.. أيضا يوجد نوع يسمى "الفلافينويدات" مثل زهور الليمون واليارو وهذه الأعشاب تستخدم لعلاج أمراض القلب وتقوم بخفض ضغط الدم.
طرق الاستخدام
اما عن طرق استخدامها يضيف: تتنوع طرق استخدام الأعشاب الطبية فيستخدم بعضها منقوعا والبعض الآخر عن طريق غلي الأوراق كما يتم استخدام المواد الفعالة في صورة تراكيب صيدلية مختلفة, واستخدام الأعشاب يعد عودة للطبيعة لكن لابد من تقنينها, والعلاج بالأعشاب أصبح ضرورة لبعض المرضى الذين لا يصلح معهم العلاج عن طريق الأدوية الحديثة نظرا لظروفهم الصحية وطبيعة الأمراض التي يعانونها وفي هذه الحالة لابد من التردد على أصحاب الخبرات الذين يقدمون الوصفات الصحيحة التي تناسب مرضا معينا ولا تؤثر على المريض لو كان يعاني من أمراض أخرى, ولابد أن نتعامل مع الأعشاب مثل الأدوية وما يسري عليها من ناحية الاستخدام يجب أن ينطبق على الأعشاب لأنها المصدر الرئيسي لكثير من العقاقير ويستخرج من مشتقاتها المواد الفعالة التي تصنع منها الأدوية, والمقصود من ذلك استشارة المتخصصين وعدم استخدام أعشاب دون معرفة خصائصها وتأثيرها كما نفعل مع الأدوية ولا نتناولها بدون أمر الطبيب, فالمؤكد أن غياب الخبرة والجهل بخصائص ومميزات وطرق استخدام الأعشاب والأمراض التي تعالجها تعد المشكلة الرئيسية في التعامل مع الأعشاب وذلك لأن العلاج بالأعشاب تراجع فترة طويلة ولم يكن مستخدما الا في نطاق ضيق للغاية ولم يعد هناك الكثير من المتخصصين القادرين على معرفة نقل تلك الخبرات لأجيال أخرى.
جهاز المناعة
الدكتورة آمال البشلاوي أستاذة أمراض الدم والمناعة بكلية طب القصر العيني تحدثت عن فوائد الاعشاب تقول: المرض عبارة عن حرب بين الجهاز المناعي لجسم الانسان والميكروب وكلما قلت الميكروبات من خلال التحكم في نمط الغذاء والبعد عن مصادر التلوث زادت كفاءة الجهاز المناعي للجسم وأصبح قادرا على أن يلعب دوره في حماية الجسم من الاصابة بالأمراض, والمعروف أن الأعشاب لها دور كبير في تقوية جهاز المناعة لوجود وظائف معينة تتميز بها وتتمثل في طرد بقايا الفضلات الموجودة في الجسم وتقوم بمساعدة الجسم على التخلص من السموم الموجودة في الدم وتساعد في بناء الأنسجة لكن في المقابل هناك الكثير من العوامل التي تؤثر بالسلب على الجهاز المناعي في جسم الانسان وتجعله عرضة للاصابة بالأمراض مثل التلوث وطرق الغذاء غير السليمة وكذلك الغذاء غير الصحي والذي لا يناسب طبيعة الشخص وهنا تكمن أهمية وضرورة العودة للطبيعة في تقوية الجهاز المناعي عن طريق الأعشاب التي يكون لها مفعول قوي ومباشر في تقوية جهاز المناعة ويحدث ذلك بشكل سريع ما يجعل الناس يقبلون عليها بناء على تجارب المرضى الذين تطورت حالتهم الصحية بشكل كبير بعد تناول الأعشاب, اضافة الى ان هناك وجبات يومية لابد أن يتناولها المريض لرفع درجة المناعة بدون معاناة مثل السلطات والفواكه الغنية بمضادات الأكسدة وقد تضاف بعض الأعشاب الى هذه الأطعمة ويجب أن يكون ذلك بشكل مستمر لأن هذا يساعد بشكل أساسي في تقوية جهاز المناعة الذي يدخل دائما في صراع مع الميكروبات, كما أن هناك بعض المشروبات مثل النعناع والعرقسوس والقرفة لها أهمية كبيرة وننصح بتناولها على مدار اليوم بالتوازي مع نظام الغذاء المحتوي على بعض الأعشاب الطبيعية.