بسم الله الرحمن الرحيم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

بسم الله الرحمن الرحيم

منتدى مختص بالعلاج بالطب النبوي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عـواقِـبُ الظُـلـم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المشرف العام

المشرف العام


المساهمات : 1109
تاريخ التسجيل : 04/10/2010

عـواقِـبُ الظُـلـم Empty
مُساهمةموضوع: عـواقِـبُ الظُـلـم   عـواقِـبُ الظُـلـم I_icon_minitimeالخميس أبريل 28, 2011 8:13 am

الحمدُ للهِ الَّذي أكرمَ بالإسلامِ أولياءَهُ ، وشرَّفَ بالإيمانِ أصفياءَهُ ، وأقامَ بالميزانِ والعدْلِ أرضَهُ وسماءَهُ ،
أما بعدُ :

فأُوصيكمْ ونفسيَ بتقوى اللهِ تعالى أيُّها المؤمنونَ ، فاتَّقُوا اللهَ : { وابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ( المائدة : 35 ) .

عبادَ اللهِ :

لـمَّا كانَ الظُّلمُ والعُدوانُ : مُنافِيَينِ للعدْلِ والحقِّ الذي اتَّصفَ بهِ الملِكُ الديَّانُ ، ومنافِيَينِ للميزانِ ؛ الذي قامتْ بهِ الأرضُ والسماواتُ ، وحُكِمَ بهِ قِسطاً وعدلاً بيْنَ جميعِ المخلوقاتِ ، كانَ الظُّلمُ والعُدوانُ عندَ اللهِ تعالى مِنْ أكبرِ الكبائرِ والـمُوبقاتِ ، وكانتْ درَجتُهُ فِي الـجُرْمِ والإثمِ بحسَبِ مفسدتِهِ فِي الأفرادِ والمُجتمعاتِ .

قالَ اللهُ تباركَ وتعالى في الحديثِ القدسيِّ :" يَا عبادِي إنِِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفْسِي ؛ وجعلتُهُ بينَكُمْ مُحرَّماً : فَلا تَظالَمُوا " [ أخرجَهُ مسلمٌ مِنْ حديثِ أبي ذرٍّ الغفاريِّ ] ، وإنَّ مِنْ أشنعِ البريَّةِ ظُلماً ؛ وأَبْشعِها جُرْماً : أئِمةَ الظُّلمِ والبَغْيِ والضَّلالِ ؛ ووُلاةَ الجَوْرِ والبطْشِ والنَّكالِ ، الذينَ طالَـما رَوَّعُوا العبادَ ، وهَتَكوا حرمةَ البُيوتِ والبلادِ ، وأهدروا حقوقَ البهائمِ والجَمادِ ، فرَفَعُوا أعلامَ البَغيِ والفَسَادِ ، ونكَّسُوا راياتِ العدْلِ والرَّشادِ .

فيَا لَلَّهِ ، كمِ استنصرَ بهمْ مِنْ قويٍّ جائرٍ فأعزُّوهُ ؛ وكمْ استصرخَهمْ مِنْ ضعيفٍ حائرٍ فأذلُّوهُ ، قدْ سَامُوا شعوبَهُمْ سُوءَ العذابِ والبَلاءِ ، فقتلُوا الرِّجالَ والوِلدانَ والنِّساءَ ، هُمْ أبغضُ الخلقِ إلى اللهِ تعالى وأبعدُهُمْ مِنهُ منْـزِلــةً يومَ القيامـةِ ، يومَ يَبْـدُو لهُمْ مِنَ اللهِ تعالى مَالا يَحتسـبونَ مِنَ الملامَةِ النَّدامةِ ، فهُمْ على مَافَرَّطُوا يَتحسَّـرونَ : { هُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَــاءَ مَا يَزِرُونَ } ( الأنعام : 31 ) .

والظَّلَمَةُ والطُّغاةُ ؛ يلعنُهُمْ مَنْ فِي الأرضِ ومَنْ فِي السَّماواتِ ، بَلْ تلعنُهُمْ جميعُ المخلوقاتِ ، حتَّى الحيتانُ فِي البحارِ ؛ والطيورُ فِي الأَوْكارِ ؛ والنَّمْلُ فوقَ ظُهورِ الأحجارِ ، قدْ نَامَ الظالمُ وأعينُ العبادِ ساهرةٌ فِي جُنَحِ الأسحارِ ، تدعُو عليهِ الواحدَ القهَّارَ ، فإذا بدعوتِهِمْ تصعَدُ إلَى السَّماءِ كأنَّها شَرارةٌ مِنَ النَّارِ ، قدْ كُشِفَ الحجابُ بينَها وبينَ العزيزِ الغفَّارِ ، فإذا بخطابِ الفرَجِ والحنينِ ، يُخالِطُ بَشاشةَ قلوبِ الـمُوقِنينَ : وعِزَّتِي وجلالِي لأنْصُرَنَّكِ ولَوْ بعدَ حينٍ : ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الذِينَ ظَلَمُوا وَالحَمْدُ للهِ ربِّ العَالمَيِنَ ﴾ ﴿ الأنعام : 45 ﴾ .

لا تَظْلِمَـــــنَّ إذَا مَـا كُنْتَ مُقْتَدِراً فالظُّلْمُ آخِـرُهُ يُفْضـــي إلى النَّــدَمِ

واحْذَرْ أُخَيَّ مِنَ المَظْلُومِ دَعْوَتَهُ لا تَأْخُذَنْكَ سِـهَامُ الليلِ فِي الظُّلَمِ

تَنَـامُ عَيْنَاكَ وَالـمَظْلُـــــومُ مُنْتَبِهٌ يَدْعُــــــو عَلَيْـكَ وَعَيْنُ اللهِ لَمْ تَنَمِ

لا شَكَّ دعوةُ مظلومٍ تَحِـــــلُّ بِهَا دارَ الهَـــــــوانِ ودارَ الذُّلِ والنِّقَـمِ

فهلْ عَمِيَتْ أبصارُ الظَّالمينَ ؛ وهلْ طُمِسَتْ بصائِرُ المُجرمينَ ؛ عنْ رُؤيةِ مَا فَعَلَهُ اللهُ تعالى بالأُمَمِ السَّالفينَ : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ * التِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البِلَادِ * وثَمُودَ الذِين َجَابُوا الصَّخْرَ بِالوَادِ * وفِرْعَوْنَ ذِي الأوْتَادِ * الذِينَ طَغَوْا فِي البِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ } ( الفجر : 6 - 14 ) .

وهلْ صُمَّتْ آذانُ الملوكِ الجبابرَةِ عَنْ معرفةِ مصيرِ الطُّغاةِ الوَخِيمِ ؛ ومُنقلَبِ العُتَاةِ الذَّميمِ ، الذي أَخْبَرَ اللهُ تعالى عنهُ فِي مُحْكَمِ الذِّكرِ الحكيمِ : { فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلِيهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ ولَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ( العنكبوت : 40 ) .

فاسْألِ النَّاسَ والأوطانَ ، أينَ آثارُ المُلْكِ والسُّلطانِ ، تجِدِ الجوابَ مُسطَّراً في القرآنِ : { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * ونَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمَاً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلِيْهِمُ السَّمَاءُ والأَرْضُ ومَا كَانُوا مُنْظَرِينَ } ( الدخان : 25 - 29 )

قدْ أزَّتْهُمُ الكِبرياءُ إلى الطُّغيانِ أزاً ، ولَبِسُوا ثوبَ الـخُيَلاءِ ليكونَ لهُمْ عِزاً ، ولمْ يَعْتَبِرُوا بِمَنْ أهلكَ اللهُ تعالى قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ ؛ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزَاً .

فالعبيدُ ؛ ليسَ بينهُمْ وبينَ الحميدِ المجيدِ : حَسَبٌ ولا نَسَبٌ ؛ إلا مَا كانَ مِنْ صالحِ العمَلِ والسَّببِ ، ألمْ يَسمعُوا إلَى قولِ ربِّ العالمينَ : { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ والذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } ( الدخان : 37 ) .

وواللهِ ؛ ثُمَّ واللهِ ؛ ثم والله؛ إنَّ مَا حلَّ بالأُمَمِ السَّالِفةِ ؛ ومَا نَزَلَ بالقُرونِ الهالِكةِ التَّالفةِ : قريبٌ مِمَّنْ شـــاكَلَ أوصافَهُمْ ؛ ومُوشــــِكٌ أنْ يَحِلَّ بِمَنْ حَاكَى أعرافَهُــــمْ ، كمَا قالَ اللهُ تعالَى : { فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا ســــَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُســَوَّمَةً عِنْـدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّلِمِينَ بِبَعِيدٍ } ( هود : 82 - 83 ) .

الحمدُ للهِ غافِرِ الذُّنوبِ ، وقابلِ التـَوْبِ وساترِ العُيوبِ ، ومُفرِّجِ الهمِّ وكاشفِ الكُروبِ ، سبحانَهُ وبحمدِهِ : يُؤتي المُلكَ مَنْ يشاءُ ، ويَنْـزِعُ المُلكَ مِمَّنْ يَشاءُ ، ويُعِزُّ مَنْ يَشاءُ ، ويُذِلُّ مَنْ يَشاءُ ، بيدِهِ الخيرُ ، إنـَّهُ عَلَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له السَّميعُ البصيرُ ، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُ اللهِ ورسولُهُ البشيرُ النَّذيرُ ؛ والسِّراجُ المنيرُ ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ عليهِ وعلى آلِهِ وأزواجِهِ وأصحابِهِ ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلى يومِ المصيرِ .

أما بعدُ : فأُوصيكمْ عبادَ اللهِ تعَالى بالتَّقوى الَّتي بها تنتفعُون ، فاتَّقوا اللهَ { ولْتنظُرْ نَفسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ واتَّقوا اللهَ إنَّ اللهَ خَبيرٌ بما تَعْملَونَ * ولا تكُونوا كالذِينَ نَسُوا اللهَ فأَنْساهُمْ أَنْفُسَهم أُولئِكَ هُمُ الفَاســــــــِقُونَ } ( الحشر : 18 - 19 )

أيُّها المؤمنونَ : ما أشبهَ الليلةَ بالبارحةِ ، ومَا أقربَ ساعاتِ البَطَرِ والأشرِ مِنَ الليالِي التَّرِحَةِ ، فهَا هَيِ القارعةُ تُصِيبُ طُغاةَ اليومِ وتَحِلُّ بدارِهِمْ وضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ، كمَا قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الـمَثُلاتُ وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ المُجْرِمُونَ ، فأهْلَكَهُمُ اللهُ تعالى كمَا أهلكَ القُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وهُدَىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ .

وهَا هِيَ عاقبةُ رموزِ الطُّغيانِ ؛ فِي هَذا الزَّمانِ ؛ ومَا جَاوَرَنَا مِنَ البُلدانِ ، يجعلُها ربُّ العالمينَ : { نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ } ( البقرة : 66 ) .

وصدقَ النَّبيُّ الكريمُ ؛ عليهِ أفضلُ الصَّلاةِ وأتمُّ التَّسليمِ ؛ فِي قولِهِ القويمِ : " إنَّ اللهَ لِيُملِي للظَّالِمِ حتَّى إذا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ" ثُمَّ قَرَأ النَّبِيُّ : { وَكَذَلِكَ أَخْـــذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شـــَدِيدٌ } ﴿ هود : 102 )

[ أخرجَهُ البُخاريُّ مِنْ حديثِ أبي موسى الأشعريِّ ]

فحَذَارِ ثُمَّ حَذَارِ يَا عبادَ اللهِ الأخيارِ، مِنْ سُلوكِ سبيلِ الظَّلَمَةِ الفُجَّارِ ، فهَا هِيَ لذَّاتُهُمْ قَدْ ذَهَبَتْ وبَقِيَ لهُمْ العَارُ ، ومَلَكَ غيرُهُمْ قُصُورَهُمُ التِي شيَّدُوهَا ومَلَؤُوا بِهَا الأقْطَارَ ، فَتُرِكُوا بالعذَابِ مِنْ وَرَاءِ الأسْتَارِ ؛ بَيْنَ أطباقِ الثَّرى والأحْجَارِ ، فَلا مُغِيثَ ولا مُعِينَ ولا جَارَ ، قدْ شَيَّدُوا بُنيانَ أمَلِهِمْ وطَمَعِهِمْ على شَفَا جُرُفٍ هَارٍ ، فإذا قَامُوا إلى القِيامَةِ وَبَرَزُوا للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ : زادَ البَلاءُ على المِقْدارِ ، فإذا سَــرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَــى وُجُوهَهُـــمُ النَّارُ ، فعزاءُ المظلومينَ ؛ تعزيةُ ربِّ العالميـــنَ : { َلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِرُّهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ } ( إبراهيم : 42 )

ولْيَكُنْ مِسْكُ الخِتَامِ ، معشرَ الإخوةِ الكِرامِ : ترطيبَ ألسنتِكم بالصَّلاةِ والسَّلامِ ، على خيرِ الأنامِ ، امتثالاً لأمرِ الملِكِ القُدُّوسِ السَّلامِ ، حيثُ قالَ في خيرِ كلامٍ : { إنَّ اللهَ وملائِكتَهُ يُصَلُّونَ علَى النبيِّ يا أيُّها الَذينَ آمنُوا صَلُّوا عليهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيماً } ( الأحزاب : 56 ) .

اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ
بتصرف من خطبة جمعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elaj.alafdal.net
 
عـواقِـبُ الظُـلـم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بسم الله الرحمن الرحيم :: قسم الاصدقاء :: دنيا ودين-
انتقل الى: